المرأة الروهينغية وهي تحمل انكسارات اغتصابٍ وعذاباته، تهشّمَت سكينتها قبل أن يَتَفَحّم سكنها، ماضيةٌ إلى حيث لا تدري، إلى أي أرضٍ أقلُّ لهيباً تُكدّس عليها بقاياها.. مؤقتاً. اسألها عن السكن.
المنتظرين عند حدود اليونان ومقدونيا، طارقين أبواب أوروبا بعد مسير أيام وليالي كانت نهايتها أشبه بحلم، كانت بدايتها كابوس حقيقي.. اسألهم عن رحابة الأرض.
ذاك الافريقي، حامل ورقة عليها بضع أحرف وأرقام، ربما هويته الجديدة، يقف أمام عدسة الكاميرا وهو غير متيقن إن كان آدمياً حتى تلك اللحظة أم لا، تسجله بعثة الهلال الأحمر عند شواطئ ايطاليا، بعدما أفرغ كل ما في جيبه وحياته، ثمناً لوصول غير مضمون، قادماً من وطنه البعيد.. اسأله عن الوطن، والهوية.
العجوزتان الافغانيتان حينما علما أن حدود مقدونيا مُقفلة أمامهم، جلستا محدقتان في الأفق والأطفال يتراكضون من حولهما، إدبار عمرٍ دون إرث، وإقبال آخر دون حائط، لا تملكان أي خطة أو تدبير.. اسألهما عن الغد.
الإيراني الذي أحبّ البحرُ اثنان من أفراد عائلته فضمهما لأحضانه، ولأن البحرَ كريمٌ في لؤمه، فلم يمنعهما من زيارته في منامه، كل ليلة. وهو واقفٌ على قبريهما.. اسأله عن حضور الفقد المتجدد.
منذُ خمسين وسبعين عاماً، يُكدسّون آمالهم في السماء، فالأنفاس التي تُفرّخ أنفاساً لم تترك في مخيماتهم مُتسعاً لشيء. الذين شابوا وهم يحتفظون بمفاتيح بيوتهم.. أسألهم عن وقت العودة.
“يقضي اللاجئون حول العالم 26 عاماً مشردين عن منازلهم”.
من وحي الوثائقي Human Flow
شكراً لمؤسسة الدوحة للأفلام التي أتاحت لنا فرصة مشاهدة هذا الفيلم.