أول وآخر شرده

20151207_133427-01

أخيراً اقتنعت، فذهبت إلى آخر الساحة الرملية بالمدرسة (الهداية الخليفية) وخلف غرفة محوّل الكهرباء، تسلقت السور بمساعدة أحدهم، لأقفز إلى الجهة المقابلة، الشارع العام. لم أفعلها من قبل، وفعلتها فقط لأنعم بوجبة إفطار لذيذة: سندويش مكس “فول وطعمية” ساخن من مطعم (بو نواس)، الواقع في شارع “اليواعه” بالمحرق!

أنتظر الطلب لألتهمه بشراهة، وشعور غريب يلمؤني بالحرية، فأنا خارج أسوار المدرسة قبل نهاية ساعات الدوام، وإذ بسيارته البيضاء الصغيرة أراه قادماً من بداية الشارع، كان بإمكاني الهرب قبل أن يصل، ولكني وقفت كالأبله في مكاني. أوقف سيارته أمام المطعم، نزل وفي يده ورقة بيضاء وقلم، طلب مني بابتسامة عريضة: “قول لربعك الي داخل يطلعون”. وفي الحقيقة لم يكونوا أصدقائي، إنما جمعتنا تلك “الشردة”، فقلت: شباب.. طلعوا طلعوا. فخرج اثنان أو ثلاثة من مطبخ المطعم، وسأل الجميع أسماءهم ليُدونها في ورقته البيضاء، أما أنا فدوّنه دون أن يسأل، لأنه يعرفني جيداً رحمه الله. كان أستاذ الرياضة الفاضل، محمد الماجد.

دخلنا بعدها المدرسة كما خرجنا منها، عبر السور، وبعد الحصة الرابعة ركضت أبحث عنه، وجدته أخيراً في الصالة الرياضية، رجوته شطب أسمي من الورقة، فقال: لم تعد معي، هي مع المدير المساعد. ليتها كانت مع المدير وليس المدير المساعد، فقد كان حينها خالي محمد عبدالرحيم فلامرزي مديراً مساعداً لمدرستنا “العريقة”، الذي ما إن قرأ أسمي وجّه: هذا أول طالب تستدعون لي ولي أمره.

في اليوم الثاني، وفي السيارة، كان أبي عادياً جداً، وقبل أن ينزل معي إلى المدرسة قال: ما راح أسوي لك شي، بس هذي أول مرة وآخر مرة يستدعوني، فاهم؟. رددت: إن شاء الله. ولم أكرر التجربة بعدها.

هذا الموقف الذي التقطته بالهاتف قبل يومين في البحرين، استدعى تلك الذكرى!