في معنى التحضُّر.. رسائل للشباب القطري

التحضُّر مصدر تَحَضَّرَ، وجاء في معجم اللغة العربية المعاصرة في معناها: اتِّجاه اجتماعيّ من خلاله يقتبس الناسُ أسلوبَ الحياة الذي يتبعه سكانُ المدن والحضر من حيث النمط الثقافيّ للحياة وكذلك تحويل المناطق الريفيّة إلى مناطق تتبع سلوكَ الحياة الحضريّة ونمطها.

وفي هذا المعنى أرسل رسائل قصيرة إلى بعض الشباب القطري..

ليس التحضُّر أن تملك بلاك بيري بورش أو أكثر من هاتفٍ جوال، ولكن من التحضُّر أن تجعله على الصامت ولا تزعج الجمهور بالحديث من خلاله في قاعات السينما !

ليس التحضُّر أن تركب “رينج” آخر موديل، ولكن من التحضُّر هو أن تحترم الآخرين في الطريق وتستخدم الإشارات إذا ما أردت أن تنعطف يميناً أو يساراً !

ليس التحضُّر أن تنتعل حذاءً من لويس فيتون أو أن تغطي رأسك بشماغ جيفينتشي، ولكن التحضُّر هو أن تمتنع عن التدخين في المجمعات التجارية والمقاهي والأماكن التي يُعلق فيها وبوضوح علامة (ممنوع التدخين) !

ليس التحضُّر أن تُكرم من يغسل سيارتك بخمسة أو عشرة ريالات إضافية، ولكن من التحضُّر أن تمتنع عن رمي مناديلك الورقية من نافذة السيارة في الشارع !

التحضُّر أدب وخُلُق وذوق وثقافة، قبل أن يكون مظهر وشكل. ولماذا علينا أن نَتَحَضَّر؟ لأننا نعيش معاً بثقافاتنا المتنوعة في المدينة، لذا يجب علينا أن نفهم ونتعلم آداب الحياة في المُدُن، والسلوكيات المعيبة والمرفوضة فيها.

أتمنى أن لا تؤخذ رسائلي هذه على محمل الاستهجان والتقليل من شأن الشباب في قطر، هي رسائل ترددت كثيراً في تسطيرها، فكل ما ذُكر هُنا من سلوكيات يشاهدها بصورة يومية المواطن قبل المقيم، إنها ظواهر منتشرة إلى الحد الذي بات الجميع هنا يحسبها من المُسلّمات والأمور الطبيعية والعادية !

في رأيي، ينبغي أن تستنفر الجهات المسؤولة في الدولة للحد من هذه الظواهر السلبية، واستخدام مختلف الوسائل في سبيل ذلك، من تنظيم حملات توعوية إلى تطبيق صارم للقانون (كنشر رجال شرطة قطريين، ومن المهم جداً أن يكونوا قطريين، في المجمعات)، لأنه وببساطة تؤثر هذه الظواهر أبلغ التأثير في الصورة النمطية التي يحملها أي زائر للبلد، كما تؤثر على المزاج والذوق العام للمواطنين والمقيمين فيه.

السوّاح الذين سينكّبون على قطر في عام 2022 سينقلون صورة “الإنسان” القطري، بقدر نقلهم للنهضة العمرانية في البلد، بل سيتحدثون عن مفارقات ومقارنات بين “العمران” و”الإنسان” كما نفعل نحن عادةً عند عودتنا من زيارة بلدٍ ما.

ملاحظة مهمة جداً: عندما نقول أنه من التحضُّر إتيان هذا الفعل أو ذاك، فلا يعني ذلك بأن الامتناع عنه يُعد من البداوة الجميلة التي لا يزال الكثير يحب التشبث بعاداتها الإيجابية !