سحور

أيقظت صورة نشرتها صديقة ذكريات قديمة، حيثُ كان أبي قبل أذان الفجر بما يكفي المستعجلين، ينزل إلى المطبخ بعد أن يتأكد من استيقاظي، يحضّر شاي الحليب بطريقته، يسخن الحليب الطازج، ثم يضيف إليه الشاي، يشخله في كوبه، وكوبِ آخر لي، وثالث لأختي إن استيقظت، ثم يضيف العسل بدل السكر.

أثناء ذلك أكون قد وصلت إلى طاولة الطعام، بعد أن أخذت علبة الكورن فليكس وملأت الإناء الذي حضره لي قبل وصولي، وصببت عليه الحليب البارد. أتصور أن عجلة السحور هي التي علمتني أكل الكورن فليكس مع الحليب البارد، قبلها كنت أفضله مع شاي الحليب الساخن! يحضّر لنا سندويشاً، نأكل ونشرب، وأحاول بعدها أكل موزة فوق ذلك، وثلاث تمرات! بعدها ننطلق، هو وأنا، إلى المسجد.

أسعد إذا تأخرنا قليلاً فنضطر للذهاب بالسيارة بدلاً من المشي، لأن هذا يعني عودة أسرع، ودقائق نوم أكثر بقليل قبل الاستيقاظ مرة أخرى للمدرسة، ويعني أيضاً، ربما يسمح لي أبي بالقيادة في العودة، فالشوارع خالية، والمسافة تكفيها نقلة واحدة لناقل السرعة من 1 إلى 2.. وأحياناً أتجرأ فأصل إلى رقم 3.

لم تعد بجانبي يا أبي ممسكاً بمكبح السيارة لترفعه إذا ما حدت عن الطريق. ياما تفلّتت مني السيارة، فأوقفتها، وسيتفلّت مني العمر، دون أن تتمكن من إيقافه، ولكنك ربيتني على الطريق..
أن أكون دائماً، ذاهباً إلى، أو راجعاً من، صلاة..
طريقٌ أنقذني ولا زال رغم كل العثرات.