دعايات انتخابية مرفوضة!

جميل جدا أن نرى الطلبة قبيل الانتخابات لمجلس طلبة جامعة البحرين وهم يتنافسون على الظهور في الساحة الطلابية، لكسب أكبر عدد من المؤيدين قدر الإمكان، فإنها تجربة حقيقية يعيشها الطلاب بكل ما فيها من تنافس وسياسة، يسعى كل واحد منهم أن يكون صاحب الحصة الأكبر من ثقة الطلبة.

 

إن ثقة الطلبة التي يسعى لها المقبلون للترشيح شيء عزيز، فطلاب الجامعة أصبحوا على قدر من الفهم والوعي بحيث لا تؤثر عليهم أي نوع من الدعايات الانتخابية التي نراها وسنراها هذه الأيام، حيث يجب أن تكون الدعايات على قدر كبير من المصداقية والعقلانية، وعلى مستوى راق من الحكمة في طرحها، والواقعية في مناقشتها، فتنبهوا جيدا لذلك أخواني المقبلين على الترشيح.

 

ومن حق الطلبة أن يقوموا بدعاياتهم الانتخابية قبيل فترة الانتخابات، فهي الأداة الفاعلة لمد جسور المرشح مع الطلبة، ليستعرض فيها مهاراته وقدراته التي تؤهله لعضوية المجلس، ولكن برزت في الآونة الأخيرة ظهور دعايات انتخابية لطالب بكلية الحقوق، والتي تتسم بمواجهة إدارة الجامعة، وكأنها لا تفهم ولا تعي ما تقوم به! رغم ما في الإدارة من فضلاء على مستوى عالٍ من العلم والخبرة. ويا ليت الانتقادات كانت بوجه حق.

 

فوقف الطالب ثائرا في اجتماع عام لأعضاء جمعية كلية الحقوق، واتهم فيه إدارة الجامعة بالفساد، وأنها تدعم قوائم طلابية، وقال أن لديه الإثبات على ذلك!

 

وفي دعاية أخرى كتب مقالا يوضح فيه لإدارة الجامعة أنها أصبحت ملزمة نوعا ما بتقديم البرنامج الصيفي قانونيا! وجميعنا يتمنى إرجاع البرنامج الصيفي، ولكن ما نعيبه تصوير القضية وكأن إدارة الجامعة عامدة في تعطيل البرنامج، وراغبة في عرقلة مسيرة الطالب الدراسية.

 

وآخر ما قرأت له، مقالا كتبه في جريدة الوطن يوم الجمعة الموافق 31 مارس 2006م مستغلا الضائقة المالية التي تمر بها الجامعة، يتهم فيه إدارة الجامعة بعدم وجود التخطيط! معللا ذلك بالمصروفات الضخمة لبناء المباني الجديدة، والتي أثرت كثيرا على ميزانية الجامعة بعد بحثه في الأسباب –حسب زعمه-، فبالتالي تعطل البرنامج الصيفي!

 

فليعلم الكاتب أن معظم منشئات الجامعة يتم صرف تكاليف بناءها من وزارة المالية مباشرة، لا من ميزانية الجامعة كما ذكر –أو كما وجد نتيجة لبحثه-، فميزانية المباني الجديدة (كلية العلوم، وكلية تقنية المعلومات، ومجمع المطاعم المجاور لهما، والمكتبة الجديدة) تم تمويل إنشاءها من وزارة المالية مباشرة، وأما مبنى e-learning فكان بتبرع من ام تي سي فودا فون، ومبنى المركز الإعلامي بتبرع من تسهيلات البحرين، ومبنى مجلس الطلبة الجديد كان هبة من جلالة الملك حفظه الله ورعاه. هذه بعض الحقائق التي قد غابت عن الكاتب خلال بحثه في الأسباب.

 

ولم تسلم إدارة الجامعة التي لا تلقي بالا لمثل هذه الدعايات من اتهام آخر حيث اتهمها أيضا في نفس المقال بعدم التحرك على موضوع عجز الميزانية التي تمر به! رغم ما شاهده الجميع من شفافية إدارة الجامعة البالغة في تناول هذا الموضوع، وعلى رأسهم الدكتورة مريم بنت حسن آل خليفة رئيسة الجامعة والدكتور حنا مخلوف نائب الرئيسة للشئون الإدارية والمالية، وقد نشرت جريدة الوسط في عدد يوم الخميس الموافق 30 مارس 2006 التحركات التي قامت بها إدارة الجامعة قبل الوقوع في هذه الأزمة، سعيا منها لتفاديها. والكل يعلم أن الكرة الآن في ملعب الحكومة وليست في ملعب إدارة الجامعة، فالحكومة تعلم جيدا حاجة الجامعة الماسة لضخ ميزانية عاجلة لتعديل الأوضاع، وهذا ما نأمله من حكومتنا الموقرة، فلماذا توجيه أصابع الاتهام إلى إدارة الجامعة؟

 

وقد واجه مجلس الطلبة بشكل عام ورئيسه بشكل خاص انتقادات كثيرة مثل هذا النوع، وكان مصيرها سلة المهملات، لما فيها من جهل وتناقض، وكذلك هذه الدعايات الانتخابية ستواجه نفس المصير من قبل الطلبة.

 

ربما لم أعلق أو أبين موقفي من العديد من الافتراءات التي أثيرت علي شخصيا مترفعا عن المهاترات الطفولية والتراشق الاعلامي الذي لا نتيجة له سوى مضيعة الوقت، ولكن أن تتطور الأمور وتصل لحد إدانة الجامعة بغير وجه حق، وإصدار المقالات في الصحف والمنتديات، التي تحط من سمعة الجامعة وتحط من خريجيها نتيجة لذلك، فقط لدعاية انتخابية لطالب هنا وطالب هناك فلا وألف لا.

 

لم أكتب هذا المقال دفاعا عن إدارة الجامعة، رغم ما أراه من تفانيها في سبيل خدمة الطلبة، فإن الجامعة بإدارتها تتحمل عبئا كبيرا جدا، حيث العدد الضخم من الطلبة الذي فرض على الجامعة قبوله وتعليمه يفوق بكثير طاقتها الاستيعابية، ولكني أكتب لتنبيه أصحاب الدعايات الانتخابية التي تفقد المصداقية، والتي قد تنتشر كثيرا هذه الأيام للضحك على عقول الطلبة، أنبههم لخطأ ما يقومون به، فإن الموقف سيحسب عليهم لا لهم، فطلبة جامعتنا ليسوا مغفلين، فلنكن أكثر صدقا وواقعية في دعاياتنا الانتخابية.

 

إن صعود البعض على سلم القضايا المثارة في الساحة والتلويح باليد "أنا الثائر الطلابي الذي سينقذ الحياة الجامعية من التدهور" لا يرسم في أذهان الطلبة الصورة المثالية للمرشح، بل هي أشبه بالفيلم الكوميدي المضحك، نضحك كلما تذكرنا بعض مشاهده.

 

نحن بحاجة لنشاط طلابي، ووعي طلابي، وسواعد طلابية، تقف جنبا إلى جنب مع إدارة الجامعة في تطوير الحياة الجامعية بكل مجالاتها، وأن تبني علاقتها مع الجامعة على أسس من الثقة والحوار العقلاني الهادف، وإن سلوك طريق هذه الدعايات متعارض تماما مع الأهداف النبيلة التي نتمنى أن نراها واقعا ملموسا، والتي يكتفي البعض بمجرد رفع شعاراتها دون السعي للوصول إليها.

 

مصداقية الدعايات الانتخابية.. ووعي طلبة الجامعة.. نقطة مهمة أحببت أن أذكر أخواني بها، حتى لا يكون أحدنا مشهدا مضحكا من مشاهد الفيلم الكوميدي في الانتخابات القادمة.

مجلس الطلبة.. بين الواقع والطموح

انتقال مجلس طلبة جامعة البحرين نقلة نوعية على مختلف الأصعدة خلال دورته الحالية كانت من أولى أهدافنا أعضاء المجلس.

فقد بدأ المجلس في التركيز على هدف تحقيق النقلات النوعية الإيجابية فأقر مسرعا لائحته الداخلية وتبعه بإقرار لائحة تنظيم عمل اللجان، فكان أول مجلس يعمل وفق لوائح تنظم سير عمله،  ثم قام بتشكيل لجنة تعني بالقضايا التي ينبغي أن تكون من أولويات عمل المجلس وهي القضايا الأكاديمية فشكل لجنة تعني بالمشكلات الأكاديمية التي تواجه الطلبة، واقتراح الحلول لها، ومساعدة الطلبة لدى المسئولين للعمل على تجاوزهما. وترفع توصياتها إلى مجلس الطلبة لدراستها ورفعها إلى رئاسة الجامعة.

فإقرار اللوائح الداخلية وتشكيل هذه اللجنة المستحدثة على المجلس دليل على اهتمام أعضاء المجلس للدور الذي ينبغي أن تقوم به هذه الهيئة الطلابية.

ولعل الكثير من الطلبة تهمهم النقلة الأم.. وهي تقوية مكانة المجلس في المجتمع الجامعي ليحظى على مدى أوسع بالمطالبة بحقوق الطلبة بقوة متى ما انتهكت، خاصة وأن خيار المقاطعة بات مستبعدا نظرا لاستفادة القيادات الطلابية بتجربة الجماعات المقاطعة للانتخابات النيابية خارج الجامعة، وتيقنهم بأن الوصول لواقع أفضل يكون بالجد والاجتهاد لا بالمقاطعة التي يستطيعها الجميع.

فإن هذا الأمر لم يغب عن بالنا أبدا، ففي أول اجتماع عقد للمجلس في دورته الحالية بتاريخ 10/8/2005م أثرت فيه موضوع صلاحيات مجلس الطلبة في كلمتي الافتتاحية، نظرا لأهمية الموضوع لدى الكثير من المتابعين والقيادات الطلابية، وأوضحت في كلمتي: (إننا جميعا نطمح لأن يكون واقع مجلس الطلبة أفضل مما هو عليه.. فجميعنا طلبة وتهمنا مصلحة الطالب بغض النظر عن تركيبة المجتمع الطلابي التي تشكل خليطا من الأفكار والثقافات المختلفة.. وهذا متفق عليه من قبل الجميع.. ولكن السؤال المهم هو: كيف يمكننا بلوغ ذلك؟!)

فمجلس الطلبة في دوراته السابقة –مع احترامي لإداراته- لم يحظ بثقة الطلبة فضلا عن إدارة الجامعة فكيف له أن يسعى لزيادة رقعة صلاحياته؟! وهذا طبعا بسبب العديد من العوامل ليس المجال لذكرها الآن.

إن تجاوز الزرع والقفز مباشرة إلى جني الثمار لا يفعله العقلاء، بل لا بد من المرور بالتجربة بجميع مراحلها لاستنهاض الحركة الطلابية، وهذا يتطلب تكاتف جميع الطلبة عبر هيئة رسمية تضمهم جميعا وتستطيع أن تستقصي آراءهم ووجهات نظرهم. ولا توجد هيئة هي أقدر على تحمل هذه المسئولية من مجلس الطلبة كونه الممثل الرسمي للطلبة، إن كان صادقا في التعاطي مع هذه القضية الحساسة.

انطلاقا مما ذكرت، سنتقدم لاحقا بمشروع (إستراتيجية مجلس الطلبة) الذي سيتولى صياغته المجلس نفسه بعد أن يحظى ذلك المشروع على الموافقة من قبل أعضاءه، وسنستعين بآراء القيادات الطلابية ووجهات نظرهم فاتحين لهم الباب على مصراعيه للمشاركة الحقيقية في سبيل تطوير الحركة الطلابية على أرض الواقع بعيدا عن الشعارات البراقة والعبارات الرنانة الخاوية من العمل الجاد.

فلنعمل جميعا على بناء ثقلنا الطلابي، مجتمعين على الطرق والسبل فضلا عن الأهداف المنشودة، رافضين التحركات الفردية المفتعلة من قبل جماعة واحدة أو عدة جماعات والتي تكاد تضر بحركتنا بدلا من أن تدفعها إلى الأمام.

للصحفيين المبتدئين فقط..

لا يخفى على قارئنا الكريم ذلك الدور الكبير الذي يجب أن تضطلع به وسائل الإعلام -وأخص بالذكر الصحافة- في خدمة العمل السياسي والاجتماعي والنقابي وغيرها.

وما العمل الطلابي ببعيد عن تلك الأعمال التي يحتضنها مجتمعنا الكبير في ظل عصر النهضة الإصلاحية التي يقودها صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه.

إلا أن المراقب لدائرة العمل الطلابي المتمثل بمجلس الطلبة بجامعة البحرين والمتتبع لما يدور في صحفنا اليومية التي باتت تولي اهتماماً كبيراً لفئة الشباب في طيات صفحاتها إيماناً منها بأهمية الدور الذي يلعبه العمل الطلابي في تنشئة جيل قادر على مواكبة تطورات المجتمع الديموقراطية، يجد أنها لا تخلو من المغالطات والافتراءات في بعض الأحيان، ولا أعلم حقيقة مدى تقديم "حسن النية" في الموضوع أو مراعاة أقل ما يجب أن يتمتع به كل صحفي من "ضمير مهني وأخلاقي".

وفي الحقيقة، لقد آسفني كثيراً أن استهل أولى مقالاتي بهذا الموضوع.. إلا أنه واقع نعايشه حالياً! وكم يألم أعضاء المجلس جراء ما تتداوله صحفنا المحلية من أخبار كهذه.

وبعيداً عن التنظير، فالشواهد كثيرة، حيث ذكرت صحفية بإحدى الصحف اليومية ما نصه: "وتلاقي اللائحة الداخلية للمجلس حالياً انتقادات قوية من أعضاء في المجلس وتوجهات تطالب بتعديلها".

والصواب أنه لم يطالب أحد من أعضاء المجلس مناقشة بعض ما جاء في اللائحة الداخلية سوى عضو واحد فقط، ولم يولي أعضاء المجلس طلبه بالغ اهتمام لكون مواد اللائحة الداخلية كلها مرت باتفاق الجميع دون التصويت على أي منها.

وتواصل في خبرها قائلة: "ولم يتطرق المجلس لمقترح (تطبيق قوانين الحشمة) الذي تقدم به العضو محمد اليوسف لتغيبه عن الجلسة".

والحقيقة في ذلك أن المجلس لم يتطرق للمقترح بسبب عدم إدراجه على جدول الأعمال أصلاً وعدم نيته لفتح ملف الحشمة الآن، وليس الأمر مرتبطاً بتغيب العضو الذي تقدم به.

 

حالة صحفية "كابوسية" أخرى، حيث يقول صحفي آخر ما نصه: "مرت أزمة نشرات مجلس الطلبة بسلام بعد أن هددت قائمة (الطالب أولاً) المحسوبة على جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بسحب أعضائها من الاجتماع الاستثنائي.. لمناقشة أحقية لجان المجلس في إصدار نشرات خاصة بها".

 

وفي الحقيقة لم تكن هناك أية تهديدات خلال الاجتماع مطلقاً، فقد أبدى الأعضاء في الاجتماع الأخير للمجلس الاستغراب مما ورد في الخبر من كلمات "غير مسؤولة" لا تمت للواقع بصلة.

 

وعلى أية حال، فإن هذه الأخبار لتصنع لكتابها "نجومية" زائفة لاعتمادهم أسلوب إثارة في غير موضعه على حساب المجلس ووحدته، ومسيرة نشاطه. فتحري الحقيقة واجب في هذه المهنة النبيلة.

 

ولعل هذا ما دفع المجلس للتفكير كثيراً في قنوات أخرى غير الصحف تعبر عن لسان حاله وتنقل الأخبار الصحيحة لما يدور من أحداث، فأوجد المجلس من هذا المنطلق موقعاً إلكترونياً رسمياً تُستقى منه الأخبار الصادرة عنه، وأغنى المجلس عن صحافة أقل ما يمكن أن توصف به بأنها "غير صادقة" مع جمهورها.

 

كما أن تلك الأخبار لا تضر بالعمل الطلابي وحده، بل تتعداه لتضر الطالب الجامعي، الذي قد يعيش حالة من الاضطراب النفسي نتيجة لتلك الاختلاقات الصحفية على مجتمعه الصغير.

 

لم أكن أقصد بخطابي هذا أن أفتح النار على صحافتنا المحلية، بل كنت أهدف إلى التنبيه على خطر يجب ألا يستشري أكثر على يد صحفيين "مبتدئين" يسعون للنجومية من أخبار مجلس الطلبة!