الإنجاز في زمن الكورونا

هل تشعر بشيء من الذنب لأنك لم تنجز الكثير خلال فترة عزلتك هذه؟!

لا عليك، هذا الشعور ليس لأنك مُقصّر أو فاشل في استغلال وقتك، ولكن لأن هناك من أخبرك، بشيء من الاستعباط غير المقصود غالباً، بأن هذا الوقت هو الأمثل لإنجاز الكثير، والتفرغ لأشياء لم تكن تملك لها وقتاً، أو لم تخصص لها وقتاً، خلال أيامك الطبيعية التي غادرتها مُرغما قبل أسابيع قليلة. ولكن من قال أن المسألة مسألة “وقت” فقط؟!

تمر البشرية اليوم بفترة تاريخية غير عادية أبداً، تستحق كل التشتت، القلق، والغبش الذي تشعر به. آثار هذه الجائحة لم تقتصر على الجانب الصحي، بل تمددت ظلالها على جميع حقول حياتنا، الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية. هذه التداعيات ستؤثر حتماً في حياتك تأثيراً مباشراً، قد يكون عنيفاً، فمن الطبيعي أن تفقد السيطرة وحدة التركيز لوقت يقصر أو يطول. إنها مرحلة الاجتهاد قدر الإمكان للخروج بأقل الأضرار الممكنة، بعد الحفاظ على الحياة والصحة، وليس وقتاً لاكتساب عادات جديدة، غير تلك التي تُجبَر على اكتسابها، كامتناعك عن تقبيل من تحب، أو الجلوس في مقهىً يضج بحكي روّاده.

هناك بطبيعة الحال أناسٌ خارقون، ستجد يوميات عزلتهم مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، مليئة بالإنجازات. هل أنت خارق؟ أشك. الأغلب أنك طبيعي، فلا تبتئس بمستوى انتاجيتك هذه الفترة، ولا تتحمس كثيراً بكتابة قائمة طويلة من الأهداف والمهام لإنجازها خلال الأسابيع القادمة، فتضيف عبء التزامك بها على أعبائك النفسية المتوقعة والطبيعية في مثل هذه الظروف.

رغم ذلك، لا تغرق في القلق، واحذر من الاكتئاب، فهو عادةً لا يأتي فجأة. تشاغل بكتب خفيفة إذا رأيت بأن الثقيلة أصبحت أعسر هضماً، انغمس في أحداث مسلسل، دردش مع أصدقائك بمكالمة فيديو، وبالمناسبة ألعاب الفيديو.. ليست للصغار فقط. إذا شعرت بأنك بدأت تفقد السيطرة فعلاً، فامتنع قدر الإمكان عن متابعة آخر أخبار الفيروس، أعداد المتوفين والإصابات الجديدة، رغماً أن بواكير التحولات التي يشهدها العالم جديرة بالمتابعة.

ولا تنس.. ألا بذكر الله تطمئن القلوب.

نُشرت بواسطة

alharban

Bahraini guy, working at Al Jazeera Media Netowrkin Doha. Triathlete, 2 IM in pocket. Founder of @weallread.

اترك رد