Site icon نظــرة

إخواننا في غزة.. اعذرونا فقد ماتت قلوبنا !

   قبل حوالي ثماني سنوات، كان دخول المجرم شارون للمسجد الأقصى إشعالاً لشرارة انتفاضة، قابلها العدو الصهيوني كعادته بوحشية وإجرام، وكانت الجزيرة تبث مباشرة الغارات الجوية للطائرات والمروحيات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، كما كانت تغطي الهمجية الصهيوينة التي ليس لها حد. تأثرت كثيراً حينها بالوضع المهين الذي نعيشه، حتى أني أستغربت كثيراً اتصال صديقي بي يدعوني للعب كرة القدم، حيث كنا نلعب هذه الهواية اسبوعياً، وسألته باستنكار: (انت من صجك؟! الدنيا عفسه.. والقصف على الهواء مباشرة أمامي في التلفزيون.. وأنت تدعوني للعب كرة القدم؟!!!). بل تأثرت حينها والله لدرجة أني لم أتمكن من الاستعداد لامتحانات نهاية، أو منتصف، الفصل، لا أذكر تحديداً، وأعلن قبطان طائرة معدلي الهبوط الاضطراري الحاد !
  
   ولما تعرَّضَ إخواننا في العراق للهجوم الكاسر، من قبل المحتل الأميركي، شُرّدت أُسَر، وسقط عدد كبير من المدنيين ضحايا، فآلمتنا الصور الرهيبة، وقضّت مضاجعنا، وكانت مساهمتنا متواضعة بتنظيم حملة تبرعات في الجامعة، اشترك فيها عدد من الأخوة والأخوات والأساتذة، رافقتها حملة تحمل الصور الدالة على وحشية الاحتلال، رغم محاولة إدارة الجامعة قبيل انطلاق الحمل لثنينا عن الفكرة، بحجة أن الجامعة لا تجمع تبرعات لأي جهة كانت! إلا أن إصرارنا وتعاونها معنا ، مضت الحملة، وسَلَّمنا الأموال للهلال الأحمر لإيصالها لمستحقيها في العراق.

يُحاصَر اليوم شعبٌ بأكمله في غزة، بأطفاله وشيوخه ونساءه، ويعيشون في سجن يزداد ضيقه يوماً بعد يوم، تنتهي الأدوية، وينفد الوقود، وتتعطل الكهرباء، وتتحول الحياة من قاسية إلى أقسى، مع ذلك، فقد عدت للتو من طلعة مع الأصدقاء كلها ضحكٌ ولعبٌ ولهوٌ ومَرَح! ولمّا تذكرت هكذا فجأة ردة فعلي –الشخصية- قبل ثمانية أعوام على وحشية قمع الانتفاضة، وردة فعلي على الغزو الأميركي للعراق، مع ردة فعلي – وأقولها بكل خجل وانكسار واعتراف، هذا إن وجدت ردة فعل- على ما يتعرض له أخواننا المحاصرين في غزة، أطرقت مفكراً بقلبٍ دامي: ما الذي تغيّر ؟!
  
   تبلد الإحساس، ومات الشعور، وغابت معاني الجسد الواحد، فلم تَعُد الأعضاء تشعر بشكوى عضو، ولا عضوان، ولا حتى ثلاثة إذا ما اشتكوا، وكأن الجسد تمزق إلى أعضاء، كل عضو مستقل بذاته لا علاقة له بأي عضو آخر !
  
   رغم وجود كثير من الجهود الرامية لكسر الحصار، إلا أني أعلم بأني لست وحدي من يحمل هذا القلب القاسي الذي نسيَ إخوانه..

إخواني في غزة..
اعذروني.. اعذروني.. اعذروني..
وليت شعري ما فائدة اعذروني ؟! وكم طفل بإمكانها إطعامه هناك ؟!
ويا قُرّاء.. أخبروني لماذا قست قلوبنا.. حتى نسينا إخواننا..
  
   لا أتكلم عن مجرد دعاء.. ولا عن تأثر وقتي عند متابعة الأخبار.. فمجرد دعاء لا يكفي.. لا يكفي.. لا يكفي !
  
   لن أبكي وأصرخ منادياً الحكومات مستنجداً ما تبقى فيها من مروءة، كما يفعل كثيرٌ من الكتّاب، فحكوماتنا مشغولة في المحافظة على مغانمها كراسيها، ولا خطة لاستعادة الكرامة، ولو بعد قرن! ولن أوجه أسألتي هنا وهناك لمعرفة سبيل الخروج من هذا الوضع المزري. ولكني أوجه دعوة صادقة للشباب، للشباب فقط، فأقول لهم..
  
   أخواني أخواتي الشباب.. هذا الذل والهوان الذي نعيشه لم يكن نتيجة تقصير قصرناه نحن، بل ورثناه من أجيال سبقتنا، ولكننا سنكون حتماً سبباً لاستمراره إذا لم نعزم على التغيير، وإذا لم نتبع هذا العزم بعمل جاد صادق، وحينها سنورّثه للأجيال القادمة خائنين لديننا وإخواننا قبل أنفسنا.
  
   فلنبدأ خطوات التغيير، ولنبدأ بالاهتمام بهذا التغيير، كيفيته، شكله، مضمونه، خطواته، مراحله، متطلباته، فلنشغل فكرنا به على الأقل، ولنوقظ أذهاننا من سباتها، وقلوبنا من غطيطها. مخطئ من يظن أن معالم التغيير المطلوب واضحة معلومة للجميع، ولو كانت كذلك، لما ورثنا هذا الخزي ممن سبقنا، هناك شيءٌ ما.. هناك خللٌ ما.. ابتعاد الناس عن دينها؟ لا شك.. ولكن هذه إجابة سطحية لا تغني ولا تسمن من جوع! والدليل أن قائلها يضع نقطة نهاية الكلام بعدها، ولا عمل يتلو ذلك.. وقليلٌ من يفعل !
  
   شباب.. فكروا بأنفسكم، ولا تلتفتوا لمن سبقكم، ولا تنتظروا ممن أورثكم هذا الذل أن يدلكم على الطريق، فلو كانوا يعرفوه لسلكوه قبلنا !
  
   اللجنة الأهلية البحرينية لكسر الحصار ودعم الشعب الفلسطيني / الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، وفقكم الله.. وأخبرونا بماذا نستطيع أن نساهم ؟
 
 

Exit mobile version