عندما يكون الأول إرهابيا والآخر بطلا !

عندما ظهرت صور بن لادن على قمصان أطفال شاركوا في اعتصام سلمي في مدينة المحرق، استنكرت وسائل الأخبار العالمية، فضلا عن صحافتنا المحلية هذا الحدث (أطفال يرفعون صور إرهابي باعتصام في البحرين!)، بينما تعلق اليوم صور قائد فرق الموت التي تحصد أرواح مئات المسلمين على سيارات بعض المواطنين ولا نجد الذين استصرخوا بالأمس اليوم يستنكرون!

إن تعليق صور قائد جيش المهدي وإن شاء البعض أن يسميها تصرفات شخصية يعبر بها أفراد عن حبهم لمرجعية دينية، إلا أننا نقول: إن تعليق صور هذه الشخصية المتهمة بقيادتها لفرق الموت في العراق  يعتبر تحديا لمشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الذين استنكروا ورود اسمه  في الفيديو المصور لحظة إعدام صدام (رحمه الله).

وبغض النظر عن الجدل المثار حول إعدام صدام (رحمه الله) إن كان انتقاما أم عدالة، ما سمعناه في الفيديو المصور لحظة إعدامه وترديد اسم (مقتدى) من قبل بعض الحضور يجب أن يستنكره مقتدى نفسه، وإلا فهو راض عن هذه المهزلة التي حدثت.

أحوج ما نحتاجه في هذه الفترة تعزيز لحمتنا الوطنية، وتنمية ولاءنا لهذا الوطن وقيادته، ففي النهاية نحن في مركب واحد، إن غرق غرقنا جميعا، لذا على المرجعيات الشيعية في البحرين أن تنبه أبناء طائفتها على خطورة هذه التصرفات، وأن يرشدوهم إلى ما فيه أمن وأمان هذا البلد. 

عندما أعلن أسامة بن لادن تبنيه لعمليات 11 سبتمبر كان علماء أهل السنة والجماعة أول من انتقده وانتقد موقفه، بل انتقدوه وحذروا من منهجه قبل تفجيرات 11 سبتمبر (وليس المجال لبسط كلامهم)، ونتساءل اليوم عن موقف علماء الشيعة مما يقوم به مقتدى الصدر وجيشه (المهدي) وفرق الموت الخاصة به وما تقوم به من قتل وتخريب؟!

نحن نؤمن بأن الوسيلة الأكثر فاعلية في رسم الرأي العام وتحديد ملامحه وبناء مواقفه هي كلمة المرجعية الدينية المتمثلة في فتاوى العلماء المعتبرين، وبالأخص الرأي العام الشيعي، فلنسمع كلمة من المرجعيات الدينية الشيعية تدين ما تقوم به هذه الفرق، وتدعو مقتدى للعدول عن هذه السياسة الرعناء، وتحذر أبناء طائفتها من مغبة السير على هذا النهج الدموي الخطير.

حفظ الله البلاد والعباد من كل شر.

تنبيه: عند مقارنتي لموقف علماء أهل السنة والجماعة من أسامة بن لادن، وموقف علماء الشيعة من مقتدى الصدر، لا أعني أبدا التشبيه بين الشخصيتين، الفرق واضح بينهما، فالأول وضع الكفار الصليبيين نصب عينيه وأستخدم وسائل نخالفه في شرعيتها لضربهم، والثاني قتل جيشه من قتل من أبناء المسلمين في العراق تحت مرأى ومسمع الكفار الصليبيين (الجيش الأميركي)!

انتقادي وتصريح النائب الفضالة

وصلتني الرسالة النصية (SMS) التالية:

" الأخ أحمد بداية كل عام وأنت بخير. قرأت مقالك في الموقع عن ناصر الفضالة وأود أن ذكرك بأمانة القلم والتثبت فليس هذا بالنقد الذي تزعم وإذا كان قصدك النصح فأثبت ذلك الآن بإنزال اعتذار على الموقع بحسب ما نشر اليوم على لسان ناصر –يقصد التصريح الذي نشر بجريدة أخبار الخليج والذي تلا تصريحه المنتقد بالوطن بيوم واحد- وإلا فراجع مبادئك وتوجهاتك" انتهت الرسالة.

 

من عادتي إذا كتبت موضوعا لا أرد على المشاركات والتعقيبات، ولكن هذه الرسالة النصية وما دار بيني وبين صاحبها من حديث  في اتصال هاتفي، قلت له فيه (ستجد تعليقي في المنتدى)، فكان لزاما علي أن أكتب تعليقا على الموضوع، ولم أكن لأهتم بصاحب الرسالة لولا أنه أخ عزيز أولا، وعضو إداري بجمعية المنبر الوطني الإسلامي ثانيا. فأقول:

1-  تأكد أني تثبت تماما من أن التصريح لم يكن بصياغة خاطئة من الجريدة أو بنقل مبتور أو ما شابه، فأتمنى أن يشفع لي تأكدي هذا أمام أمانة القلم والتثبت.

2-  أنا لم أزعم أني أقدم نصحا في مقالي، بل هو انتقاد، وانتقاد علني، ثم أني مواطن في الدائرة التي يمثلها النائب ناصر الفضالة، وقد منحته صوتي في الجولة الثانية، فأظن أن من حقي أن أقوم نائبي أن أخطأ، وإن اختلف معي من اختلف في الطريقة والأسلوب، فكل يرى أسلوب أفضل من الآخر.

3-  يجب التنبه إلى أن مقالي كتبته ونشرته قبل التصريح الاستدراكي للنائب ناصر الفضالة في جريدة أخبار الخليج، بمعنى آخر، هو من أخطأ في تصريحه الأول وصحح في تصريحه الثاني، وربما كانت ردود أفعال المستنكرين للتصريح الأول هي التي دفعت النائب لإيضاح الصورة أكثر في تصريحه ثاني، فلا أجد في نفسي والحالة هذه مخطئا حتى أعتذر، فأنا انتقدت ما جاء في التصريح الأول.

وربما يرى البعض أنه لم يخطأ أساسا في تصريحه الأول، فأنا وكثير آخرين وجدناه مخطئا، فلا نفتح بابا للنقاش لأني لا أظن بأن أحدنا سيقتنع بوجهة نظر الآخر.

4-   أما مراجعة مبادئي وتوجهاتي، أعدك بأني سأفعل.

 

ولن أرد على ما جاء في مشاركات بعض أعضاء هذا المنتدى وغيره، قلت أنها ليست من عادتي، فأنا مؤمن بأن تغيير القناعات في ساحة المنتديات أمر غاية الصعوبة، وما كان يهمني هو إيصال الرسالة، وأظنها وصلت.

 

ومن المهم أيضا أن أذكر (بتشديد الكاف) بأني انتقدت نائب، على تصريح محدد، ولم أنتقد جمعية أو جماعة أو عموم المسلمين! فليتنبه.

وشكــرا للجميع

كلمة للنواب الإسلاميين

كلمة للنواب الإسلاميين

 في أيامنا هذه التي انتشر فيها الجهل وقل فيها طلبة العلم، نحن بأمس الحاجة للتضحية بكثير من الوقت والجهد لمعرفة الحق ودعوة الناس جميعا إليه، للتمسك بدين الله عقيدة وعبادة ومنهج حياة، هذا التمسك الذي جعله الله سببا للتمكين في الأرض، قال تعالى: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). ولله الحمد والمنة، هناك الكثير من أبناء هذا الوطن يتفانون في تقديم التضحيات لأجل هذه الغاية العظيمة، منهم من يضحي بماله، وآخر بوقته وجهده، وثالث بعلمه، ورابع بتنظيم وإدارة الأعمال الخيرية، وهكذا.

 إلا أننا في البحرين نعيش منعطفا تاريخيا بدخولنا للحياة النيابية، وأصبحت الأنظار تتوجه إلى هذا الميدان أكثر من غيره (كميدان العمل الخيري مثلا الذي نتفاخر جميعا بإنجازاته)، فكان لزاما على الإسلاميين بعد أن قرروا المشاركة في هذه التجربة أن يطبقوا ما يحمله إسلامنا من منهج وسلوك في أداءهم البرلماني، إلا أنه للأسف- أقولها والألم يعتصرني- كان أداء بعض (ضع ألف خط تحت بعض، حتى لا نظلم أحدا) الإسلاميين مخالفا لآداب الإسلام في مواقفه، أو على الأقل لما تعلمناه من آدابه.

 هذه المواقف كم ألحقت من ضرر بسمعة الإسلاميين عموما، وما يحملون من منهج خصوصا، وهذا أمر جد خطير، ينسف كثير (ليس كل) من التضحيات التي يقدمها أهل الخير والفضل في الدعوة لدين الله.

 وربما لم يتعلم بعض النواب من النقد الشديد الذي وجه إليهم خلال فترة الفصل التشريعي الأول أو خلال فترة الانتخابات، فلم يزل بعضهم يقع في نفس الأخطاء! (نسبة عمل الغير لهم مثلا) لا أدري ما السبب حقيقة! هل لأن النقد كان يأتيهم من أناس ليسوا محسوبين على التيار الإسلامي (إن صح التعبير)، وما زال الناس لا يقتنعون بكلامهم ما دام هناك من يحرك عواطفهم الدينية، مهما كان نقد الآخرين في محله، فيظنون أن نقد الآخرين غير مؤثر على سمعتهم وسمعة منهجهم؟ أو لأسباب أخرى؟ الله أعلم!

 آخر هذه الأخطاء التي مرت علي تصريح للنائب ناصر الفضالة في جريدة الوطن يوم الأربعاء الموافق 27 ديسمبر 2006، حيث جاء في التصريح: " أعلن عضو كتلة المنبر الوطني الإسلامي النائب الشيخ ناصر الفضالة عن وضع أسس تنفيذ مجمعات سكنية متكاملة في منطقة عراد بالمحرق تلبية للطلبات المتزايدة لأهالي المنطقة، ووفاءً بوعوده الانتخابية التي قطعها لناخبيه من ضرورة تحقيق المسكن اللائق للأسرة البحرينية"!!

 أكتفي هنا بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) الصف 2-3

 المشروع الإسكاني الذي أعلن عنه النائب الفاضل، قديم ولم يخرج بجهود اليوم أو البارحة، فلماذا يصرح عنها وكأنه هو من قام على المشروع أو قدم تصوره حتى يقال (وفاءً بوعوده الانتخابية التي قطعها لناخبيه من ضرورة تحقيق المسكن اللائق للأسرة البحرينية)؟!

 فليعلم أخواني الإسلاميين أننا أول من سينتقدهم علنا إذا ما كانت أخطاءهم معلنة، حتى لا تحسب أخطاءهم الشخصية على ما يحملون من منهج، وحتى لا يضيع جهد غيرهم من سعى ويسعى لدعوة الناس للمنهج الإسلامي بسبب مواقف بعضهم المخالفة للأدب والأخلاق قبل الدين. وليتحملوا شدة نقد الناس لهم، فالمسئولية الملقاة على عاتقهم كنواب إسلاميين أكبر من غيرهم.

 ختاما، آسف أخواني النواب، ولكن كلمة لا بد منها، وفقكم الله وسدد خطاكم لكل خير.

النصيحة وضيق الأفق!

إن الذي يحصر دعوته ونصحه وبشاشة وجهه –الغير مصطنعة- لأفراد جماعته دون الآخرين إنما يضيق دائرة الأخوة في وقت نحن أشد ما نكون حاجة ً لتوسيع هذه الدائرة.

قال عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة، قالها ثلاثا، فقال الصحابة رضوان الله عليهم: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). قال (وعامتهم).

وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايعهم على شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والنصح لكل مسلم). قال (لكل مسلم) ولم يحصر النصح لأفراد من المسلمين دون غيرهم.

هذه الآداب الإسلامية العظيمة، ينبغي أن نراعيها جميعا -قلت الآداب وليس الأدب لأن النصيحة تشمل عدة آداب- وأن نبتعد عن حصرها في إطار تنظيمي أو مؤسساتي ما، فإسلامنا جاء بمكارم أخلاق ومحاسن آداب لا يمكننا بحال حصر العمل بها مع أعضاء جمعية أو مؤسسة دون غيرهم!

ما لنا لا نسمع أو نقرأ النصيحة بيننا بقدر ما نسمع الألسن تلوك في عرض بعضنا البعض؟ لماذا لا يملك كثير منا شجاعة الرجال ويقدم نصيحة لوجه الله لمن يختلف معه؟ ألشائبة في نية إرادة الخير؟ أم إفلاسنا من الدليل الذي يبين خطأ الغير؟ أم إصرارنا على حبس الآداب الإسلامية الراقية في إطار ضيق يشمل –فقط دون غيره- من يوافقنا في الرأي، أو من يشاركنا في مشروع ما، وأحيانا من هو أقرب منا سكنى!!

إذا لم تكن الحزبية هي النصيحة لأناس دون آخرين فلا أجد للحزبية تفسير في قاموسي المتواضع. نضرب مثالا لندرك وقوع البعض في الحزبية المقيتة، بدون قصد أو بقصد، فحينما يخطأ شخص ما ينتمي لجماعة "أ"، تجد أن كثيرا من أفراد هذه الجماعة يحسنون الظن بالشخص، ويلتمسون له الأعذار، وينصحونه سرا لإصلاح الخطأ، وهذا ما يجب فعلا أن يقوموا به، ومن المهم أن نقول، هذا ما يجب فعلا أن يقوموا به معه ومع كل المسلمين، ولكن حينما يخطأ شخص آخر، محسوب على الجماعة "ب"، فتجد الألسن لا تتورع في أكل لحمه، فلا إحسان ظن، ولا عذر يُلتمس، فضلا عن نصيحةٍ تـُُسدى!

ولا يظن القارئ الحريص على الدعوة إلى دين الله وتعرية الباطل، والذي أحيانا يجبر الدعاة لكشف أخطاء وضلالات أناس بأعينهم،  لا يظن بأنها دعوة لتمييع منهج، أو زعزعة ثابت، أبدا، بل هي دعوة للرسوخ في الثوابت، والرجوع للمنهج السليم، ولا أقول وفي نفس الوقت، بل أقول وقبل ذلك  كله، هي دعوة لأن تشمل نصائحنا عامة المسلمين، ودعوة للتمسك بمكارم الأخلاق مع جميع المسلمين (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وشتان بين تعرية الباطل وأهله، والحزبية المفرقة لصف المسلمين.

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " (وعامتهم) أي عوام المسلمين، والنصح لعامة المسلمين بأن تبدي لهم المحبة، وبشاشة الوجه، وإلقاء السلام، والنصيحة، والمساعدة، وغير ذلك مما هو جالب للمصالح دافع للمفاسد". وهذا ما عنيناه بالنصيحة في مقالنا هذا، النصيحة بمعناها العام، من بشاشة وجه، وإبداء المحبة، وغيرها، وهذا ما نسأل الله أن يكف البعض عن حصره في أفراد جماعة لا يتعدى عددهم المئات!

ولا أعني بالبعض كل أعضاء أو أفراد جمعية أو جماعة ما، ولكني أعني بعض الأعضاء والأفراد في كل جمعية وجماعة.

جلالة الملك: فتحت لكم قلبي..

 

التففنا حوله كالتفاف الأبناء حول أبيهم، واستمعنا لحديثه الشيق، فقد تنقل حفظه الله من موضوع لآخر، وطرح قضايا هي من الأهمية بمكان، لم نظن أنها ستكون مطروحة في اللقاء، "مطمئن على وضع البحرين، ولكن الأوضاع في المنطقة…، والبحرين جزء من هذه المنطقة"، "يجب أن تكون تنمية السياسة البحرينية نابعة من أبناء هذا الوطن أنفسهم، ومن ثقافتهم، ولا نرض باستيرادها من الخارج"، "البيت بأهله.. والديرة بأهلها، لا بحجمها"، "بادرنا في الإصلاح، وأراد الغريب أن يسرق منا هذا الانجاز"، "هذه الانجازات كانت وليدة مناقشات مع أهاليكم من ساسة ومثقفين، ورأينا أن هذا الخط هو الذي يجب أن نسير عليه"، "اطرحوا آرائكم بكل حرية" إلى أن قال "لقد فتحت لكم قلبي".. هذه كانت الأجواء الرائعة التي عشناها لمدة تزيد على الساعة بقليل في اللقاء الذي جمعنا بجلالة الملك، والذي استقبل فيه مجلسي جامعة البحرين ومجلس الطلبة.

امتزجت الجدية بالمرح في حديثه، وأرسل رسائل كانت قلوبنا مقرها ومستودعها، لأنها خرجت صافية نقية من قلبه. كم شعرت بالثقة والأمان في الجلوس مع جلالته، فقد ملأني فخرا واعتزازا لانتمائي لهذا الوطن ولهذه القيادة، فكم تمنيت أن أسمع كلامه وتوجيهاته منه مباشرة، بل من قلبه الطيب، كيف لا وهو ولي أمري الذي أمرني ربي بالسمع والطاعة له.

 

أخواني أخواتي الشباب.. تعيش البحرين في حياة هذا القائد –أطال الله عمره وأعانه على الخير- مرحلة مهمة، ولو لم يكن من إيجابياتها سوى الأمن والأمان لكفى، هذه النعمة من أعظم نعم الله علينا ، والتي جعل الله من أسبابها حكمة مليكنا حفظه الله في إدارته للبلاد، لذا أقولها بكل صدق ولجميع الشباب، فلنستثمر هذه الحقبة بما فيها من خيرات  لما يعود علينا وعلى مملكتنا الغالية بالخير والمنفعة، فالوضع اليوم حسن، وغدا أحسن بإذن الله، والغد الأحسن لا يأتي إلا بتوفيق الله أولا، ثم بالائتلاف والاجتماع تحت مظلة قيادتنا المباركة التي يقودها جلالة الملك حفظه الله، وأخيرا بإخلاصنا، لا مجرد تفانينا، في بذل جهودنا نحن الشباب لرفعة هذا الوطن.

 

شكرا سيدي صاحب الجلالة على تلبية رغبة أبناءكم أعضاء مجلس الطلبة لمقابلتكم، وأبنائكم سيدي في جامعة البحرين كلهم في شوق وترقب في تحقيق أمانيهم كما عودتموهم دائما فهذا ديدنكم ونهجكم الذي اتبعتموه في تطوير ونهضة مملكتنا.

الشباب والعولمة.. ودقيقة حداد

 

إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أغفر لهما، واغسلهما بالثلج والماء والبرد، ونقهما من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، رحم الله الأخوين فهد الجفيري وماجد الحمر من دولة قطر الشقيقة، فقد توفاهما الله في حادث أليم وهما في طريقيهما إلى البحرين لحضور مؤتمر الشباب العربي "الشباب والعولمة"، وقد وقفنا، وبعبارة أدق، وقف أغلب الحضور دقيقة حداد على روحي الفقيدين رحمهما الله!

 

ولننتقل إلى  حفل افتتاح مؤتمر الشباب العربي "الشباب والعولمة" الذي تنظمه مشكورة المؤسسة العامة للشباب والرياضة، أعجبتني حقيقة المقدمة التي ألقيت في حفل الافتتاح، حيث بينت –المقدمة- أهمية طرح هذا الموضوع الحساس، لما له من بالغ الأثر في حياة الفرد والمجتمع، وفي فئة الشباب خاصة، لطبيعتهم الفطرية بالتأثر الشديد للمتغيرات وكل ما هو جديد، وقد حذرت المقدمة بأسلوب رائع من الانزلاق في دوامة العولمة دون فهم ثقافة مجتمعنا وقيمه وأخلاقه والوقوف عندها.

 

أحيانا إن لم يكن دائما، يكون بيان المشكلة وعرض ظواهرها عمليا أبلغ من أي أسلوب آخر، كتابيا كان أم خطابيا، ولبيان أثر من آثار العولمة على شبابنا وسلوكياتهم، وإن لم يكن أثرا كبيرا، فإنه يبقى أثرا، فقد أسعفنا قارئ المقدمة –مع خالص تقديري له وإعجابي الشديد بتقديمه- بضرب مثالا عمليا على تأثر أخواننا وأخواتنا بكل ما هو وارد، فطلب من الحضور وقوف دقيقة حداد بعد إعلان خبر وفاة الأخوين القطريين رحمهما الله، فما كان من كل الحضور، باستثناء قلة قليلة جدا، إلا الاستجابة لطلبه واقفين حدادا لمدة دقيقة تقريبا!

 

ولكي تتضح الصورة أكثر لقارئ السطور، فإن هذا الفعل، الوقوف دقيقة حداد، دخيلة علينا، فلم نر يوما أبائنا ولا أجدادنا يقفون حدادا على ميت، ولم نقرأ أو نسمع أنها ضمن السنن المهجورة التي كان يحافظ عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عند ورود خبر وفاة أحد أصحابه رضي الله عنهم، ولم يفعلها خلفاؤه الراشدون، وقد كان هذا النوع من الأخبار كثيرا ما يردهم لما يقدمه المسلمون حينها من شهداء كثر في حروبهم التي خاضوها لرفعة "لا إله إلا الله"، ولو كان خيرا لسبقونا إليه.

 

ولو اكتفى المقدم بقوله "إنا لله وإنا إليه راجعون" مع الدعاء للمتوفين بالمغفرة والرضوان لكان خيرا لهما من وقوف الواقفين ولو وقفوا ساعة بدل الدقيقة.

 

وأخيرا، كلمة لكل من يخالفني الرأي، اعتبر ما قرأته مجرد رأي، وإن كنت أراه تشبها بالكفار الذي نهانا عنه نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم. اللهم أغفر لأخوينا الجفيري والحمر وأدخلهما فسيح جناتك، آمين.

 

مع تمنياتنا للقائمين على مؤتمر "الشباب والعولمة" كل التوفيق والنجاح.

يؤذي نفوسهم أن يعمل الناس

لا أدري ما القاسم المشترك بين تجربتي المتواضعة في العمل الطلابي وتجربة الدكتور غازي القصيبي حينما كان رئيسا لجمعية الطلاب العرب في الجامعة التي درس فيها في الولايات المتحدة، فقد أكتشفت أن من أعظم الدروس التي تعلمتها من تجربتي نفسه الدرس الذي تعلمه الدكتور القصيبي، كما جاء في كتابه الرائع "حياة في الإدارة": "تعلمت الكثير من هذه التجربة… إلا أن أهم درس تعلمته في تلك السن المبكرة، ولن أنسه قط، هو أن الذين لا يعملون، حسب تعبير طه حسين "يؤذي نفوسهم أن يعمل الناس" ".

للأسف، أقولها بكل ما في الكلمة من معنى الأسف، أن هناك أناس لا يعجبهم أن يروا غيرهم فاقهم بشيء! فهم يظنون في أنفسهم أنهم هم الأصلح والأكفأ والأجدر، وهم الأولى بأن يكونوا في المقدمة، يزكون أنفسهم برؤية الأفضلية فيها. يذكرني هؤلاء بـ"شعب الله المختار" كما يسمون أنفسهم، إذ يرون أن هذا العالم بما فيه من خيرات إنما خلق لهم،  دون سواهم، وسواهم إنما خلقوا عبيدا لهم!

ولعل أسباب هذه الظاهرة تتعدد، فربما يكون ذلك حسدا، فلا يقر لهم قرار حتى تنسلخ من مواهبك التي من الله بها عليك، أو غيرة ً لما وصل إليه غيرهم من تميز ونجاح، أو فهما خاطئا كفهم "شعب الله المختار"، أو غيرها من الأسباب.

ويضيف القصيبي في الهامش: "عندما كان ابني سهيل يدرس في جامعة بكنجهام البريطانية، أخبرني أن زملائه العرب طلبوا منه أن يرأس الجمعية العربية الصغيرة الموجودة في الجامعة. استشارني فنصحته بالموافقة وقلت له أنه سيتعلم الكثير من التجربة. إلا أنني أضفت أنه سيعاني الكثير من ردود الفعل السلبية التي ستجيء من الذين لم يعملوا شيئا على الإطلاق. بعد أن انتهت فترته، سألني سهيل مستغربا: "كيف عرفت بما سيحدث؟!" "

ولو قيل لي ما قاله القصيبي لأبنه في بداية مشواري بالعمل الطلابي، لقلت بعد انتهاء فترة رئاستي لمجلس الطلبة كما قاله الابن لأبيه "كيف عرفتم بما سيحدث؟!".

ولعل ما يلاقيه "العاملون" في كل مكان من "الذين لا يعملون" من أذىً يكون امتحانا لهم تختلف درجة صعوبته باختلاف المواقف، وبتفاوت جهد "الذين لا يعملون" وعملهم الدءوب –هنا فقط يعملون- في ثني غيرهم عن عزيمتهم وحماستهم، ولكن الأمر كما قيل " إذا كان للفشل ثمنه الباهظ فثمن النجاح مرتفع جدا ً ".

المشروع الوطني للتوظيف ومخرجات جامعة البحرين

رائد ورائع ولكن نتمنى أن لا يتكرر.. هذا كان وما زال رأي الكثيرين في المشروع الوطني للتوظيف، فقد تميز هذا المشروع بطرحه وأسلوبه في تناول أهم قضايا الوقت الحالي، ألا وهي قضية البطالة، التي أصبحت هاجس الكثير من الشباب قبل تخرجهم من الثانوية أو الجامعة، وأخذ هذا المشروع على عاتقه هذه المسئولية الكبيرة ولكن نرجو أن لا يتكرر، آملين أن نصل إلى مرحلة من التخطيط والتنظيم بين جميع مؤسسات المجتمع، منضمة إليها مؤسسات القطاع الخاص بحيث لا تكون هناك حاجة لمشروع بهذا الحجم الضخم وما يستنزف من جهد ووقت ومال، كان الأولى أن تصرف في دفع عجلة التنمية، بدلا من إصلاح الأخطاء. فقد جاء هذا المشروع لمعالجة الخلل القائم في سوق العمل المحلي، والوقاية خير من العلاج. 

ولعل جزء من الإجراءات الوقائية  بنظرة عملية تكمن في استمرارية المشروع ولكن بصورة مختلفة، بحيث يسعى القائمون على المشروع لتأسيس وتطوير آليات توظيف دائمة في المؤسسات التعليمية، ففي كل الجامعات المرموقةوالأمثلة كثيرة ليس المجال لحصرهاهناك مكتبا للتوظيف يهيئ الطلبة للحياة العملية، كما أنه يلعب دور الوسيط بين المؤسسة التعليمية وسوق العمل، حيث أنه يوفر لأرباب السوق معلومات الطلبة الباحثين عن عمل فيسهل عليهم اختيار ما يناسبهم واحتياجاتهم. كما أن المكتب ومن خلال اتصاله الدائم بأرباب السوق ومراجعة تطلعاتهم وآراءهم له دورا بتزويد قادة العملية الأكاديمية بآخر المعلومات التي ستفيدهم بلا شك في تطوير البرامج والخطط الأكاديمية أولا بأول، للتماشى مع احتياجات السوق المتغيرة بتطور النمو المتسارع في البلاد.

فإذا ما أراد القائمون على المشروع الوطني للتوظيف أن يستمروا في محاربة البطالة عليهم أن يأسسوا آليات متكاملة بالمؤسسات التعليمية بالمملكة لتساعد وزارة العمل في تحمل عبء توظيف مخرجاتها، وهذا ما لا يمكن التغافل عنه بحال للحد من تكرار أزمة البطالة، وليس دفع مبالغ كبيرة لشركات أجنبية بعيدة كل البعد عن عملية تصنيع الموارد البشرية لتقوم بمهمة توظيف عدد من العاطلين هنا وعدد من العاطلين هناك أمرا مجديا.

ولن يتمكن المشروع ولا الشركات الخاصة أن تلعب دور مكاتب التوظيف في المؤسسات التعليمية، فإن هذه المكاتب متخصصة في مخرجات مؤسساتها، وهي على علم بماهية تلك المخرجات وعلى اتصال وقرب منها، وبإمكانها كما أسلفنا أن تكون موردا أساسيا لتطوير الخطط الدراسية بسبب قربها من أرباب العمل وأرباب التعليم الأكاديمي على حد سواء، بالإضافة إلى البرامج التي تقدمهاتلك المكاتب لتهيئة الطلبة للحياة العملية، وهذا ما لا يمكن أن تقوم به وزارة العمل مهما شكلت من لجان وفرق عمل لأنه ليس دورها، فضلا عن شركات خاصة همها الأول جني الأرباح بغض النظر عن إخلاصها في خدمة المجتمع.

وتعتبر جامعة البحرين أكبر مؤسسة تعليمية بالمملكة، حيث أنها المصنع الأكبر لإنتاج الموارد البشرية، وتملك الجامعة جهازا متخصصا كفؤا متمثلا في مكتب الإرشاد المهني، الذي يؤدي دوره بمهنية عالية، وهذا ما نلمسه نحن الطلبة