عشر غرف

عزيزي الزائر، عزيزتي الزائرة،

مرحباً بكم في فندق انتركونتننتال الدوحة، أتمنى أن تكونوا بصحة وعافية.

هذه معلومة قد لا تُطلعكم عليها موظفة الاستقبال، وقد تفعل، يعتمد على أسلوبكم في الحديث معها، وعلى مزاجها وقت الحديث مع أي منكم، ولاستخراج المعلومات من موظفات الاستقبال طريقة يتقنها من يزاور الفنادق دائماً، على أن تكون لديه الرغبة في الأساس لاستخراج بعض المعلومات، وصدقوني للرجال دائماً رغبة في استخراج بعض المعلومات من موظفات الاستقبال. حسناً، دعوني أخبركم، عدد الغرف المشغولة حالياً في هذا الفندق الجميل، ذو الإطلالة الساحرة، والمرافق الجميلة الفاخرة، هو عشر غرف فقط، أنا كاتب هذه البطاقة أحدهم.

20200521_020830-COLLAGE

نحنُ في زمن لا نعرف تاليه، وتحسُباً لمفاجئات الطبيعة، وللاجراءات التي قد تتخذها السلطات استجابةً لتلك المفاجئات، قد نجد أنفسنا محبوسين ، نراقب نمو الحشائش من نوافذ غرفنا المطلة على المدينة، وتجول الأغوال في الأنحاء تنتظر من يخرج لتنتقم، من الضروري أن تتعرفوا على من يساكنكم هذا المكان، ولا تستغربوا إن بادر من سبقكم إلى هنا (مرحبا، أنا أماندا، من بريطانيا وأعمل في الدوحة منذ 6 سنوات، غرفتي رقم 123، لدي الكثير من القصص للمشاركة، أراكم على خير).

ملاحظة: إذا كنت تجيد أو تجيدين العزف على أي آلة موسيقية، الرجاء إحضارها معك، سنحتاجها في مقاومتنا وليالي صمودنا معاً.

أغلقوا باب الفندق بعد دخولكم. تمنياتي لكم بإقامة سعيدة.

أحمد، غرفة رقم 999

20200521_020949

لن أسمي “الخراولة” فراولة

منذ أن بدأت الأزمة الخليجية وأنا ومن هم مثلي، يعملون في قطر بينما عائلاتهم في البحرين، وهم كُثُر، في وضعٍ ضبابي غير مريح، بل هو أقرب للسواد من الضبابية، معاناة شبه مستمرة، تزداد حدة خلال رحلاتنا المكوكية من وإلى الوطن. خلال هذه الرحلة، أكثر من أي وقتٍ آخر، تطفح الكثير من الأسئلة التي ربما لا تدور في بال أولئك، أسئلة حول الوطن والمواطنة.. المعنى والمبنى، الحقوق والواجبات، الإرهاب.. مُحاربة ومُمارسة، الحرية.. الدعوة لها وعدم ممارستها، السيادة و”التعاون” الأمني، الاستعمار والاستثمار، الإعمار والاستحمار، ووسط هذا كله الناس البسطاء -نعم هناك ناس بسطاء وناس غير بسطاء- دورهم ومكانتهم في المجتمع، تمثيلهم في الدولة وقراراتها، وغيرها الكثير. كما تطفح هواجس أخرى غريبة مثل أسعار الخراف في سوق الماشية، حماية المزارع في الفصول الأربعة، فن  إدارة الفِرق، الموسيقية طبعاً، وغيرها من هواجس لا أريد أن أزعجكم بها لا تقل غرابة. 

تخيلوا كل هذه الهواجس تجتاحني مرتين كل أسبوعين، مرة في رحلة الشتاء/الذهاب، وأخرى في رحلة الصيف/العودة، وتستمر لثلاثة أيام في كل مرة، أي بمعدل 6 أيام في كل 14 يوم، وهذا كفيل أن يزداد توتر، ويرتفع ضغط، وتزور كآبة، وثياب تزداد اتساعاً. لكنني أجيد بفضل الله التعامل مع الوضع، هكذا أعتقد وأدعي، رغم أن كرشتي تُشكك في هذا الادّعاء. 

اليوم مثلاً، بعد أن تناولت غداءً خفيفاً في إحدى قاعات المغادرة، وقبل توجهي للطائرة، ذهبت إلى الحمام وتبوّلت، وشعرت براحة غريبة أكثر من مجرد قضاء الحاجة، طارت الهواجس والأسئلة، اختفى نشاز الفرق الموسيقية فجأة، وحلّت سكينة وشعرتُ بالرضى وأنا أتساءل كم شخص يود أن يكون في مثل وضعي على أن يملك صحةً وعافية ويستطيع أن يتبول براحة؟! هكذا أجيد التعامل كما أخبرتكم لأستمر في النجاة، أجيد ازدراد “الخراولة” المزروعة بكثرة في أوطاننا لألا أموت جوعاً، لكن هذا لا يعني أبداً أني سأسميها يوماً “فراولة”. لا ولن أجمّل القبح رغم اضطراري لرؤيته. ولا ولن أصف الاستحمار يوماً بغير ما يستحق. سأسكت أذا اضطُررت لكني لن. 

لماذا نعمة التبوّل تحديداً يا أحمد؟ كثيرة هي النعم الأخرى! لا أدري، ربما لأن هذه الخاطرة جاءتني فكرة كتابتها وأنا أتبوّل، وربما الوضع الخرائي يحتاج إلى أمثلة تناسبه!

لا أقول لكم هذا يا أصدقاء بثاً لِهَم، فقد صار  التَشَكي شيئاً مُملاً لا أطيقه، ولا أدري إن كان هذا مُطَمئِن أم يدعو للقلق، ولكني أقول لكم ما أقول لكم من باب الدعوة إلى التفكّر في نعم الله الكثيرة جداً جداً،  خاصة وإذا كنتم يوماً في عين مشكلة يراها البعض صغيرة جداً جداً، والبعض لا يراها أساساً، فقط لأنها لا تمسّه شخصياً، وأقول لكم ما أقول لكم لتحذروا من قلب المعاني وتسمية الأشياء بغير مسمياتها مهما دعتكم الظروف يوماً للتعامل والتأقلم. 

والحمدلله من قبل ومن بعد.

أحمد الحربان

في الجو من الدوحة إلى الكويت، مروراً فوق الوجهة الأخيرة، القريبة البعيدة.. البحرين

الخميس 18 يوليو 2019

مئذنة

ماذا لو لم تُولد من عائلة مُسلمة، هل سيعني لك الصوت الصادح من هذه المنارة شيئاً؟ أم أنه سيشبه رنين يَجرسُ أذنك عند مرورك بكاتدرائية في مدينة أوروبية؟ أو حفيف شجرةٍ تحلق حولها بعض العبيد راكعين في قريةٍ أفريقيةٍ نائية؟ أو حتى خواء بقرة قررت أن تظل واقفة في شارعٍ هندي ضيّق بعض الوقت غير آبهة بالمستعجلين، وهم ينتظرون انصرافها دون أبواق أو تذمّر!

مهلاً قبل أن تجزم بأن إجابتك ستكون سهلة، تفكّر في تجرّدك من عادات مجتمعك وتقاليده، من نظرتهم للحياة، من المسافة بينك وبين الآلهة الصغيرة التي يُقدسون، سواء كانت مظهر، معنى، أم أشخاص.

ماذا لو لم تُولد من عائلة مسلمة، أو مسيحية، هل ستكون مسلماً أو مسيحياً؟

ليست الإجابة سهلة، والراحة اللذيذة حد الخدر التي يرفلُ بها عقلك ليست بالضرورة علامة رسوخ أو إيمان، قد تكون كسل واكتفاء بالإجابات الأولى، بالسائد.

تذكر دائماً أن حولك مآذن كثيرة.. هل تستمع لأصواتها كما يستمع لها معظم الناس، قبول وتسليم. أم أنك مُصاب بعقل شقي، لا يكف عن التشكيك والبحث. أم أنك تصمُّ أذنيك حامياً نفسك من شقاء القلق، تماماً كما تفعل عندما تسمع خبراً لا يُعجبك أو رأياً يشكك في قداسة آلهتك الصغيرة؟!

حاسر

كان يمكن أن ينتبه لي الجرسون أسرع، ويأخذ طلبي بجديةٍ أكبر، رغم أنه لا داعي لذلك، لو أنني فقط وضعت غترتي وعقالي فوق رأسي. حتى المارّات من هنا، أو تلك اللاتي يجلسن على طاولة قريبة، خارج إطار الصورة، أو من أصادفهن في كل مطعم ومقهى وشارع، لن يبخلوا كثيراً حد الامتناع في النظر إلي، لو أنني فقط اعتمرت غترتي وعقالي!

تختفي كل الورود التي لست تحملها، وتُصبح بلا رائحة، تتطابق ألوانك بلون المشهد خلفك فتصير شبه لا مرئي هنا في الدوحة، إذا خرجت بثوبك حاسر الرأس. رغم ذلك نادراً ما ألبس غترتي خارج وقت العمل والمناسبات الرسمية، هكذا أحب وأرتاح. لستُ زاهداً بحضوري، ومن يزهد بنظرةٍ أو ابتسامة؟! أنا فقط عند خروجي من الفندق لا أفكر في ذلك، ويحدث هذا في كل مرة، ولا نية عندي لأعيد النظر في المسألة مستقبلاً.

انتهت خرافة “من خوارم المروءة”، أن يحسر الرجل عن رأسه أعني، وعقبال ما تكون “موضة”!

تشديد إجراءات الدخول للفعاليات

كان اﻷربعاء الماضي حافلاً بالنسبة لي، بعد العمل ذهبت لزيارة معرض صنع في قطر، والذي تنظمه غرفة قطر تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد، وﻷني لستُ من أصحاب رؤوس اﻷموال الكبيرة، ولا اهتمام لي في قطاع الصناعات، فقد توجهت مباشرة إلى قسم (بازار)، حيث يعرض فيه أصحاب المشاريع الناشئة والصغيرة مشاريعهم، ووجدت فيه عدداً من المشاريع الرائدة التي أتوقع لها نجاح كبير في المستقبل القريب.

كانت مشاركة النساء القطريات في هذا القاسم من المعرض لا تٌقارن بالرجال التي كانت شبه غائبة، ولا أدري إن كان ذلك يعكس تفوق النساء عموماً على الرجال في هذا المجال في قطر أو لا.

20150520_210011

بعدها توجهت مباشرة إلى كتارا لحضور إحدى محطات الاحتفاء المهمة باﻷدب العربي، حفل جائزة كتارا للرواية العربية في نسختها اﻷولى، الجائزة اﻷكبر على مستوى الوطن العربي في مجالها، حيث يبلغ مجموع جوائزها ٨٢٥ ألف دولار أمريكي. حضر الحفل عدد من الدبلوماسيين والسفراء، ورغم وجود كبار الشخصيات إلا أن الدخول كان سلساً، خالياً من أي إجراء أمني مُعقّد، بينما لم يكن بهذه السهولة في معرض صُنع في قطر.

2015-05-24 11.49.46كان مزعجاً جداً إلزام زوار المعرض بالتسجيل قبل الدخول، وكانت اﻹجراءات كالتالي: تقف في طابور، إلى أن تصل إلى طاولة يجلس عليها موظف أمن من شركة خاصة، يستلم بطاقتك الشخصية، يحفظ أسمك اﻷول والثاني، يُرجع إليك بطاقتك، ويطبع ما حفظ بسرعة قبل أن ينسى، تستلم إمرأة بجانبه البطاقة وتُسلمك إياها. هذا للرجال، نفس اﻷمر للنساء ولكن بدل واحد، اثنان، نظراً لكثرة الزوار من النساء.

تسجيل الزوار، يأتي أحياناً كاقتراح من الشركات المنظمة للفعاليات لتُضيفه إلى قائمة الخدمات المُقدمة من قبلها، أو من اللجان المنظمة لهذه الفعاليات، لاعتقاد ليس بصحيح، بأن التسجيل يُضيف قيمة “بريستيجية” للحدث، أو لمعرفة عدد الزوار، أو ﻷسباب أمنية. وفيما يتعلق بمعرفة عدد الزوار فإن هناك تقنيات جديدة (مثل الليزر عند بوابات الدخول) تُعطي إحصائيات تقريبية تُغني المُنظمين عن إلزام الزوّار بالتسجيل، وإخراج بطاقاتهم الشخصية.

تشديد اﻹجراءات اﻷمنية في غير موضعها أمر مزعج، ويُعطي إنطباعاً لزوّار البلد بأنهم في بلد بوليسي يحتاج الشخص فيه إلى الوقوف في طابور، وإظهار بطاقته الشخصية، فقط ليأخذ جولة قصيرة في معرض الدعوة إليه عامة! وهذا كما يعلم الجميع غير صحيح.
نستثني هنا الحالات التي يتوجب فيها التشديد، تقدرها بطبيعة الحال الجهات الأمنية ذات العلاقة.

هذه رسالة أتمنى من منظمي الفعاليات الالتفات إليها، ودراسة الحاجة من “عملية التسجيل”، سواءً كانت أمنية أم تنظيمية بحتة، فإذا ما وُجِدت حاجة حقيقية لها، فلتكن غاية في اليسر والسلاسة، بما يحقق الغرض منها، ولا يُزعج الزوّار أو يعطل عملية دخولهم.

شكراً فودافون قطر

يسعدني أن أخبركم بأن فودافون قطر قد تجاوبت بشكل إيجابي مع ما أثرته قبل يومين هنا، وفي تويتر والانستغرام، حول الإعلان الذي فيه إهانة للأم ومكانتها حسب رأيي. فقد قاموا بسحب الإعلان من صالات السينما، ومن اليوتيوب أيضاً. وكان هذا ردهم:

شكراً فودافون قطر، وشكراً لكل من تفاعل مع الموضوع 🙂

حضور الوالده ليس “مب فلّه” يا فودافون قطر !

رغم كثرة ارتيادي للسينما في قطر، إلا أني ليلة البارحة، وربما لأني لم أكن مشغولاً بالجوال، أول مرة أنتبه لمحتوى إعلان فودافون ضمن الإعلانات المعروضة قبل عرض الفيلم، والذي يروج لباقة “فلّه”.

بصراحة وباختصار، لقد استأت جداً من المحتوى، فقد أهان الإعلان في بعض ثوانيه بمكانة الأم. نعم أهان بمكانة الأم، وأرسل رسالة غير طيبة أبداً للشباب الذي يستهدفهم (دون 24 سنة)، ولا أدري كيف مر على إدارة الشبكة، وأي إدارة أخرى في وزارة التجارة لها علاقة بمراجعة محتوى الإعلانات قبل نشرها!

Screenshot_2015-05-18-09-18-12-01

يُظهر الإعلان (عند الثانية السادسة عشر) شاباً يرمي كرة البولينج، وبعد أن يلتفت ليحتفل برميته، يقف مُحرجاً كون أمه فقط من تحمست ووقفت لتشجعه. ويقول التعليق الصوتي: “فلّه لما تكون مقطّع الكل في البولينج. -وبنبرة تشي باستحياء- بس مب فلّه إن الجمهور يكون الوالدة وبس”. أن يكون جمهورك هو أمك فقط التي أتت لتشجيعك هو أمر يدعو للاستحياء والخجل، بعبارة أدق وباللغة المستخدمة في الإعلان نفسه “شيء يفشّل”. هكذا صوّر الإعلان الأمر! والترجمة الانجليزية كانت أسوأ كما تجدون في الصورة أعلاه.

أعزائي في فودافون قطر، اعلموا أن “الوالده” وحضورها وتشجيعها هو “الفله”، ولا يقلل من “فلالة” الأمر عدم حضور غيرها فضلاً عن أن ينفيه، يُغني تشجيعها عن كل تشجيع. هذه القيمة يجب أن تُغرس في الشباب لا العكس. إدخال الأم في مقارنة مقرونة بوصف “مب فلّه” فيه شيء من عدم التأدب معها ومع مكانتها. آسف على هذا وأنا متأكد أنكم لم تنتبهوا للأمر رغم وضوحه.

يوماً ما عندما كنت لاعباً لكرة الطاولة، كان لاتصال أمي بعد المباراة وسؤالها عن النتيجة وفرحتها المتواضعة إذا ما فزت، كان له أبلغ الأثر في نفسي، فكيف لو أنها حضرت المباراة وشجعتني؟!

الأعزاء في فودافون قطر، من المستحسن أن تحذفوا هذه الثواني من الإعلان، أو أن تكتفوا بالإعلان الثاني لنفس الحملة الترويجية، كرامةً لأمهاتنا وأمهاتكم.

تحياتي.

الإعلان:

مهرجان أجيال السينمائي وفيلم Speed Sisters

2529230

حضرت ليلة البارحة افتتاح مهرجان أجيال السينمائي، تنظيم مؤسسة الدوحة للأفلام، والذي يركز على فئة الشباب والأطفال، وهو من المبادرات الجميلة التي ترعاها قطر لجيل الأطفال والناشئة، فالمُحكِّمون الذين يُحددون من هم الفائزين بالمهارجان تتراوح أعمارهم بين 8 و21 سنة، وينقسمون إلى ثلالث لجان:

محاق – وتضم أصغر حكام أجيال ممن تتراوح أعمارهم من 8 إلى 12 عاماً. يشاهدون برنامجاً من الأفلام القصيرة وفيلمين طويلين.

هلال – تترواح أعمارهم من 13 إلى 17 عاماً. سيشاهدون أربعة أفلام طويلة وبرنامجاً من الأفلام القصيرة.

بدر – أكثر حكام أجيال نضجاً وتتراوح أعمارهم من 18 إلى 21 عاماً. سيقومون باختيار أفلامهم المفضلة من بين أربعة أفلام طويلة وبرنامجاً من الأفلام القصيرة.

الجوائز

يختار حكّام أجيال خمسة جوائز لأفضل صانعي أفلام، حيث تقوم كل لجنة باختيار أفضل صانع فيلم في فئة الأفلام القصيرة، وتختار لجنة تحكيم هلال ولجنة تحكيم بدر أيضاَ الفائزين في فئة الأفلام الطويلة. يحصل الفائزون بجائزة أفضل صانعي أفلام على تمويل لفيلمهم التالي. وبالتالي ستشكل المسابقة حافزاً للحكام لدعم محتوى الأفلام التي ستدور حولهم في المستقبل.

هؤلاء هم الحُكام:

أليست هذه تجربة رائعة ؟!

 نأتي لفيلم الافتتاح Speed Sisters، وكان العرض العالمي الأول له، وقالت مخرجته قبل عرضه أنه استغرق العمل عليه 4 سنوات، فيلم وثائقي عن أول فريق من الفتيات لسباق السيارات في الشرق الأوسط، وهو فريق فلسطيني، فكان الفيلم عن الفريق، وعن الحياة في فلسطين.

كان الفيلم عن.. اهتمام 4 شابات بالسيارات، جدار الفصل الصهيوني، مواجهات بين فلسطينيين وجنود الاحتلال، مخيم لاجئين في جنين، اجتهاد أب للحصول على أكبر قدر من المال حتى يُطور من سيارة ابنته المُتسابقة، يرى في ذلك تعويضاً عن حرمان وحياة صعبة عاشها هو في شبابه، مرح.. إحدى بطلات الفيلم، تشعر بفخر حدوده السماء لإحرازها بطولة في فلسطين، مفتخرة بتمثيل مدينتها.. جنين. بساطة الحياة.. مقومات الحياة قليلة، والفرح والإثارة أقل.. شيء قليل يُحدث الكثير هناك. اختلاف في الفريق. شهرة إحداهن ورعاية شركة سيارات لها. مواجهة مع جنود الاحتلال، الخروج للتدريب يعني التعرض للخطر. مرح تصف شعوراً عميقاً بسبب الحياة في السجن الكبير (الضفة): التعب من المشي في نفس الشوارع، رؤية نفس الناس، نفس الوجوه. القدس.. المسجد الأقصى.. رئيسة الفريق ولوعة فراق فلسطين مقابل فرحة تأسيس حياة جديدة مع زوج رائع في عمّان. أُمنية العودة والعيش في فلسطين. مرح تحصل أخيراً على تصريح يمكنها من دخول يافا والقدس، صديقاتها مقدسيات أما هي فتحتاج للتصريح. تعيش صدمة الفرق بين الحياة هناك والمأساة في الضفة وبقية المُدن المتدهورة تحت الاحتلال. تغطس في البحر بكامل ثيابها. فرحة ممزوجة بحسرة لرؤية وملامسة البحر، حلمٌ صعب المنال هناك! دموعاً نزلت هنا وأنا أشاهد الفيلم، عندما قالت لصديقتها وهي تمشي على الشاطئ حافية القدمين، شاطئ وطنها المُغتصب المحرومة منه: تخيلي كل يوم نستطيع أن نأتي إلى هنا !

10613013_812430048814292_5937485316559357203_n
مخرجة الفيلم تتوسط بطلات الفيلم – AMBER FARES

شكراً للأخت شروق التي وفرت لي دعوة لحضور حفل الافتتاح، والشكر لجميع القائمين على هذا المهرجان الجميل.

CID.. CID..

2014-11-03 22.56.38

عند مدخل الفندق ذو الخمس نجوم، ركن سيارته في المكان الخطأ، استوقفه بوّاب الفندق أثناء عبوره الباب داخلاً..

– You can’t park your car here sir.

– 5 minutes only.

– But we can’t keep your car parked here!

– Just few minutes and I will back..

– Please sir you need to remove your car…

– CID.. CID..

وأخرج بطاقته أمام الجميع، يُخبر البوّاب أنه موظف بجهاز أمن الدلة، وأن هذا يسمح له بأن يضع سيارته المكان الذي يشاء.

هل كان صاحبنا “يتفشخر” بأنه موظف بجهاز أمن الدولة؟ أم أن هناك طارئ في الداخل كان يستحثه الدخول، ولو كان كذلك، من الممكن أن يأخذ البواب على جنب ويشرح له طبيعة عمله، ويريه بطاقته، بعيداً عن عيون وآذان الواقفين هناك !

ربما لا يستحق الموقف أن يُكتب عنه، ولكني كتبت لسببين:

أولاً، أريد أن أكتب أي شيء!

ثانياً، كنت ولا أزال أقول بأن أكبر تحدي يواجه الحبيبة قطر في تنظيمها لكأس العالم 2022 هو التحدي اﻷمني، كل العمل اﻵخر ممكن أن تُوقع من أجله العقود، وتُوظف ﻹنجازه الشركات، إلا اﻷمن.. فهو بحاجة إلى كفاءات قطرية على أعلى مستوى.

هل للموقف الذي نقلته علاقة بموضوع التحدي اﻷمني.. أصحاب الشأن يعرفون لست أنا !

في معنى التحضُّر.. رسائل للشباب القطري

التحضُّر مصدر تَحَضَّرَ، وجاء في معجم اللغة العربية المعاصرة في معناها: اتِّجاه اجتماعيّ من خلاله يقتبس الناسُ أسلوبَ الحياة الذي يتبعه سكانُ المدن والحضر من حيث النمط الثقافيّ للحياة وكذلك تحويل المناطق الريفيّة إلى مناطق تتبع سلوكَ الحياة الحضريّة ونمطها.

وفي هذا المعنى أرسل رسائل قصيرة إلى بعض الشباب القطري..

ليس التحضُّر أن تملك بلاك بيري بورش أو أكثر من هاتفٍ جوال، ولكن من التحضُّر أن تجعله على الصامت ولا تزعج الجمهور بالحديث من خلاله في قاعات السينما !

ليس التحضُّر أن تركب “رينج” آخر موديل، ولكن من التحضُّر هو أن تحترم الآخرين في الطريق وتستخدم الإشارات إذا ما أردت أن تنعطف يميناً أو يساراً !

ليس التحضُّر أن تنتعل حذاءً من لويس فيتون أو أن تغطي رأسك بشماغ جيفينتشي، ولكن التحضُّر هو أن تمتنع عن التدخين في المجمعات التجارية والمقاهي والأماكن التي يُعلق فيها وبوضوح علامة (ممنوع التدخين) !

ليس التحضُّر أن تُكرم من يغسل سيارتك بخمسة أو عشرة ريالات إضافية، ولكن من التحضُّر أن تمتنع عن رمي مناديلك الورقية من نافذة السيارة في الشارع !

التحضُّر أدب وخُلُق وذوق وثقافة، قبل أن يكون مظهر وشكل. ولماذا علينا أن نَتَحَضَّر؟ لأننا نعيش معاً بثقافاتنا المتنوعة في المدينة، لذا يجب علينا أن نفهم ونتعلم آداب الحياة في المُدُن، والسلوكيات المعيبة والمرفوضة فيها.

أتمنى أن لا تؤخذ رسائلي هذه على محمل الاستهجان والتقليل من شأن الشباب في قطر، هي رسائل ترددت كثيراً في تسطيرها، فكل ما ذُكر هُنا من سلوكيات يشاهدها بصورة يومية المواطن قبل المقيم، إنها ظواهر منتشرة إلى الحد الذي بات الجميع هنا يحسبها من المُسلّمات والأمور الطبيعية والعادية !

في رأيي، ينبغي أن تستنفر الجهات المسؤولة في الدولة للحد من هذه الظواهر السلبية، واستخدام مختلف الوسائل في سبيل ذلك، من تنظيم حملات توعوية إلى تطبيق صارم للقانون (كنشر رجال شرطة قطريين، ومن المهم جداً أن يكونوا قطريين، في المجمعات)، لأنه وببساطة تؤثر هذه الظواهر أبلغ التأثير في الصورة النمطية التي يحملها أي زائر للبلد، كما تؤثر على المزاج والذوق العام للمواطنين والمقيمين فيه.

السوّاح الذين سينكّبون على قطر في عام 2022 سينقلون صورة “الإنسان” القطري، بقدر نقلهم للنهضة العمرانية في البلد، بل سيتحدثون عن مفارقات ومقارنات بين “العمران” و”الإنسان” كما نفعل نحن عادةً عند عودتنا من زيارة بلدٍ ما.

ملاحظة مهمة جداً: عندما نقول أنه من التحضُّر إتيان هذا الفعل أو ذاك، فلا يعني ذلك بأن الامتناع عنه يُعد من البداوة الجميلة التي لا يزال الكثير يحب التشبث بعاداتها الإيجابية !