لمواليد التسعينات في البحرين.. دردشة

هذه التدوينة للأحبة في البحرين من مواليد عام ١٩٩٠ وما بعده،

سؤال يتردد (ليش معور راسك بالسياسة؟)، رغم أني، وللأسف، لستُ منخرطاً في عمل جماعي، أو متفانياً في عمل فردي، من أجل قضية أو مسألة من مسائل الشأن العام، إلا أن تغريداتي وتدويناتي هنا وهناك، المُعلِّقة على بعض جوانب هذا الشأن، والتي يمكن تصنيفها ضمن باب “التحلطم” ليس إلا، تستدعي هذا السؤال بين حين وآخر من اﻷصحاب والمتابعين، وقد فكّرت في اﻹجابة مليّاً لاكتشف عدة أسباب تجعلني أهتم، على رأسها رفض الاستحمار وما فيه من إهانة لتلك الكرامة التي منحها لنا الرب منذ خلق آدم، كل استحمارٍ للإنسان أراه في تصريح أو خبر، يرسم أمامي مشهد سجود الملائكة ﻵدم، فأصاب بالاشمئزاز أكثر، فأكتم كثير أسف وغيض، قبل أن أنفس عنه بتغريدة أو منشور.

ليس هذا موضوع التدوينة، ليس تماماً على اﻷقل، فقد أضفت إلى السؤال المشار إليه أعلاه سؤالاً آخر، ليساعدني في عملية بحثي الشخصي عن تحليل أكثر شمولية لهذا الاهتمام، الوجع السخيف، وهو: لماذا الجيل الذي جاء بعدنا مبتعد كل هذا البعد عن الشأن العام، ونادراً ما يلتفت أبناؤه إليه؟! أتكلم عن الحالة العامة ولا أُعمم.

تأسست الجمعيات السياسية، سارعت إلى تشكيل لجان شبابية، سعت إلى نشر أفكارها واستقطاب أكبر عدد من المواطنين، انتماءً أو مناصرة. وكحال بدايات أي حراك، كانت هناك ملاحظات تستوجب النقد والتوجيه، نراها اليوم واضحة إذا ما استرجعنا الذاكرة. اختلفنا كثيراً، وقادنا التعصب في بعض اﻷحيان إلى تصرفات نضحك عليها اليوم، ولكننا بطريقة أو بأخرى، شعرنا جميعاً بأننا مسؤولون، منتمون للوطن فكراً وروحاً، أكثر من انتماء الولاء والطاعة العمياء الرائج اليوم، وقصص التاريخ تُخبر أيهما أجدى وأبقى.

ليس بعد تخرجنا من الجامعة، إنما بعد اختلاف اﻷوضاع، هناك من طلق السياسة، وهناك من اقترب إليها لفهمها أكثر ومن ثم تحقيق بعض المصالح الشخصية، وهناك من انشغل في عمله الخاص، وآخر انقلبت كفه الحمراء المرفوعة دوماً إلى تحية عسكرية (نعم سيدي، حاضر سيدي)، وهذا طبيعي، لكلٍ دربه، وكلٌ ميسرٌ لما خُلقَ له. إلا أننا جميعاً، تفاعلنا مع قضايا الشأن العام، وكان ذاك التفاعل جزء أساسي من تكوين شخصيتنا، وهذا ما تفتقدونه يا أحبة.

صحيحٌ لم يكن لدينا وسائل تواصل اجتماعي لنتفاعل مع اﻷحداث حينها بالزخم الذي نفعل به اليوم، ولكن الفارق كبير بين تفاعل المتفرجين، وحراك من يعيشون اﻷحداث، من كانوا جزءًا من قصة حراك سياسي ومجتمعي غني، من كانوا جزءًا من رواية وطن، كثيفة ومتنوعة، وليسوا وجهة نظر واحدة، مع أو ضد.

هل للتفاعل صورة واحدة؟ أيجب أن يكون سقف الحرية أعلى، كما كان، لنتفاعل؟ ليس هذا موضوع التدوينة، ولكن بما أنه قفز هنا دون استئذان، أقول.. بالطبع لا، تتغير وسائل الحراك من جيل ﻵخر، وفقاً لتغير آلية التعبير والنشر، وبالتالي التأثير. اﻷهم هو أن تكون هناك فكرة ففكرة ففكرة، وأن يكون هناك همٌ أبعد بكثير من الهم الشخصي الضحل.

ربما لم تستغربوا السؤال السخيف الجريء، الذي كان ليُعتبر عصاً في عجلة مشروع جلالة الملك اﻹصلاحي في أيامنا، والذي يستحق طارحهُ عصاً على رأسه، بينما يُطرح اليوم عليكم في مقابلات التوظيف بكل أريحية، كاختبار أخير للتأكد من سلامة عقلكم قبل اجتيازكم المرحلة الأولى من عملية التوظيف (عندك حساب في تويتر؟ وهل لك في السياسة؟).

بين عدم استغرابكم من هذا السؤال، ومدى جرأته ووقاحته يوماً، يكمن جزء كبير من إجابة سؤالي الذي طرحته على نفسي: لماذا أنا أهتم؟