فكرة لـ #فريق_البحرين الاقتصادي

تلوح في الأفق أزمة اقتصادية، لن أقول بسبب جائحة كورونا، فهذا خلل في التعليل وتبسيط في الطرح، في الحالة الخليجية على الأقل، ولكن بإمكاننا القول بأن كورونا سرّعت من “مشوار” اختارته بعض الدول بشيء من اطمئنان، لأن نهايته المنطقية كانت تبدو بعيدة، وطبيعة الإنسان للأسف لا يخشى المستقبل البعيد كثيراً، ولا ينتبه إلى خياراته ويحرص على اختبارها، إلا متأخراً في معظم الأحيان.

أريد أن أتقدم برسالتي هذه إلى فريق البحرين الاقتصادي وقيادته، مقترحاً فكرة، ولكن قبلها يجب أن لا أقفز على نقطة مهمة، الوجه الثاني من “روبية” الاقتصاد، السياسة أعني.

عند اتخاذ أي إجراءات اقتصادية، أو البدء في تنفيذ أي خطة، سيصمت عموم الناس ما دامت الأرقام لا تزال بعيدة عن جيوبهم وعن نمط حياتهم وقدرتهم الشرائية، ولكن كلما اقتربت الإجراءات من دائرتهم الشخصية، فمن الطبيعي أن يبدأوا في السؤال عن مدى ملائمة الخطط، وعن أوجه صرف المال العام، ومدى نجاح آليات الرقابة المعمول بها، وطرح السؤال (من أين له هذا؟) بصوت أعلى بعد أن كان همساً في المجالس والأحاديث الجانبية، وهذا حقهم. أقول ذلك لأن هناك بعض الكُتّاب استبقوا أي ردة فعل بالحديث عن “التنبؤ باحتجاجات قادمة” و”رصد تحركات مشبوهة” وغيرها من كليشيهات تعرفونها، ليُرهبوا الناس من الحديث في الشأن العام باسم قطع الطريق أمام “المخربين أصحاب الأجندات”. ليس هذا موضوع رسالتي ولكن باختصار، عملية الإصلاح السياسي وقتها أمس واليوم وغداً وفي كل حين، بل تتأكد خلال الأزمات، الاقتصادية خاصة، إن الإصلاح السياسي، بغض النظر عن شكله ومضمونه، عن تشعبه ومحدوديته، هو كعملية التغذية الراجعة لأي نظام، تساعد على تطويره وتقويته واستدامته، ومن يقف أمام هذه العملية بأي حجة كانت، فهو لا يريد خيراً لا للنظام نفسه ولا للوطن ولا لأبنائه. 

لقد مر وقت طويل منذ إعلان رؤية البحرين 2030 -لم أجدها هنا-، ولا أذكر أنه منذ ذلك الحين جرت مداولات مفتوحة مع المجتمع المدني، تُعطي المواطنين مزيداً من الراحة والأمان، للتعبير عن هواجسهم الاقتصادية، وفي الأزمات تتأكد أهمية السماع قدر الإمكان لأبناء البلد، وإشراكهم قبل توصيات المؤسسات الدولية من بنوك وبيوت خبرة، في رسم الرؤية والمعالجات الاقتصادية، ليس فقط لضمان فاعلية أكبر في التنفيذ، وإنما مخرجات “العصف الذهني الوطني” يُنتج بلا شك أفكاراً وحلول. ولدى البحرين أثمن عنصر في المعادلة الاقتصادية، ليس الألمونيوم، ولا النفط، وبالتأكيد ليس المساعدات الخليجية، والتي لا نعلم إلى متى ستستمر، إنما المواطن المؤهل، الذي أحسنت الحكومة الاستثمار فيه، تعليماً، وتطويراً، وصحة. 

الفكـرة

تشكيل فريق عمل، يتفرغ تحت مظلة أي وزارة أو هيئة معنية بالاقتصاد، مهمته مساعدة العلامات التجارية البحرينية المناسبة للتوسع إقليمياً وعالمياً، لدينا عدد من العلامات التجارية في مختلف القطاعات، أهمها: المطاعم والمأكولات السريعة، المجوهرات، الأزياء، الفنون، المقاهي، وغيرها. بإمكان هذه العلامات إذا ما حصلت على دعم قوي مسنود بقرار سياسي، أن تتوسع وتكون مصدر من مصادر الدخل الوطني، وسوقاً يستوعب أعداد الخريجين المتزايد.

الخدمات التي بإمكان هذه المبادرة تقديمها: الدعم الفني، الخدمات المحاسبية، القانونية، الإعلامية والعلاقات العامة، وخدمات التمويل منخفض الضرائب، أو بدونها، بالإضافة إلى تسخير سفارات الدولة لتوفير كل الخدمات الممكنة لدراسة السوق في العواصم التي تتواجد فيها، وتشبيك هذا الفريق مع المسؤولين هناك (دعم دبلوماسي) لتيسير الحصول على التراخيص المطلوبة. في المقابل تُوظف هذه العلامات البحرينيين، وتدفع نسبة ضريبة عالية على الأرباح.

أقترح أن يتم جرد العلامات التجارية المتميزة، وتصنيفها، ودراستها، ودراسة الأسواق المستهدفة لكل علامة، ومن ثم التشاور مع أصحابها، والتفاوض معهم. ومن الأفضل، عدم الإعلان عن مبادرة من هذا النوع، فهي ليست عملاً خيرياً، أو حملة علاقات عامة لتلميع الصورة، بل خطط وجهود دؤوبة تعمل بصمت وترنو للإنجاز والإنجاز فقط. عمل مثل هذا أنجع للاقتصاد في رأيي من التركيز على التعاقد مع شركات أجنبية لتفتح فروعاً في البحرين مستغلة كثير من التسهيلات.

هذه خربشات فكرة، تحتاج لمن يهمه الأمر أن يرعاها بالنظر والدراسة، وفكرة أخرى، الإعلان عن فتح باب المشاركة للجميع، ليدلو بدلوهم، الاقتصاد بحاجة إلى أفكار، فكيف إذا ما صار تحدياً وطنياً! وأغلب الشركات صاحبة الميزانيات الضخمة اليوم، لم تخرج من عقول فطاحلة الاقتصاد النظري، أو كبار المصرفيين، إنما كانت أفكار أناس عاديين، تحولت إلى قوة اقتصادية.

بعد أن تكلمت عن هذه الفكرة في الانستغرام، أخبرني أحدهم عن شيء مشابه تقدمه تمكين، ولكن بعد أن بحثت قليلاً، رأيت أن الفكرة التي طرحتها تتكلم عن مستوى آخر، بإمكان تمكين تحقيقه إذا ما وُجد القرار السياسي.

تطمينات وزير المالية غير مُطمئنة

وزير المالية

نشرت جريدة الأيام الأربعاء الماضي لقاءً مع وزير المالية، تسبق فيه إبتسامة الوزير الواثقة تطمينات صرّح بها، ورغم أن اللقاء كان عبارة عن سرد لعدد من المشاريع بالإضافة إلى كلام إنشائي عام، إلا أن لي تعليقين أود مشاركتكم إياهما.

قال الوزير: “تقلص إسهام قطاع النفط والغاز من %44 عام 2000 إلى %21 عام 2014” !!

وبالعودة للأرقام أنقل لكم هنا ما جاء في ملخص مشروع قانون الميزانية للسنتين 2015 و2016 مع الأرقام المقارنة للسنتين 2013 و2014.

الإيرادات

 أخذت الجدول من المشروع المشار إليه أعلاه، والمنشور في موقع مجلس النواب، وأضفت السطرين الأحمرين لمعرفة نسبة إسهام إجمالي إيرادات النفط والغاز في الميزانية العامة (1)، أو نسبة إسهام صافي تلك الإيرادات في الميزانية (2)، والرقمين أبعد ما يكونان عن الرقم الذي ذكره الوزير.

سيُفسر مُفسر الأرقام تفسيراً آخر لتكون تماماً كما صرح بها الوزير، وأنا درست المحاسبة وعملت قليلاً في هذا المجال، وأعرف كيف يمكن أن تختلف التفسيرات وتختلف الأرقام بناءً على كل تفسير، فيختار صاحب الشأن التفسير الذي يُظهر الرقم الذي يشتهي. ولكن مع عرض الأرقام (المادة الخام) يستطيع الباحث عن المعلومة أن يجدها بعيداً عن مثل هذه المراوغات. إن نسبة إسهام قطاع النفط والغاز أكبر بكثير من التي ذكرها الوزير. من المؤكد أن الوزير استبعد صناعات مرتبطة بهذا القطاع ليوردها تحت بند آخر، ونحن نقول إذا كان الأمر كذلك، فلتنعكس نفس “الحسبة” على الميزانية حتى يكون هناك تناغم بين تصريحات الوزير والأرقام الواردة في الميزانية التي تعدها وزارته.

أمر آخر لفت انتباهي في المقابلة هو قول الوزير: “السياسات الاقتصادية لحكومة المملكة قادرة تماماً على التعامل مع التحدي المرتبط بالدين العام والعجز المالي من خلال تصور متكامل يشمل حزمة من الإجراءات والتدابير“.

وهنا السؤال المهم، أين هو التصور الكامل؟؟!! إذا كان النواب في مجلسي النواب والشورى بُحّت أصواتهم وهم يقولون بأننا بحاجة إلى استراتيجية واضحة للتعامل مع الدين العام الذي قفز إلى أرقام كبيرة جداً، والتي بات من الواضح أنه خطر حقيقي يهدد مستقبل المملكة واستقرارها ليس الاقتصادي فقط بل الاجتماعي والسياسي أيضاً. قد يكون هناك تصوراً واضحاً سيتم تمريره ببصم أعضاء الشورى والنواب شيئاً فشيئاً، أما العرض الكلي الواضح والصريح للتصور، فهذا قد يكون بعيد المنال، لأنه بطبيعة الحال مُربك!

السؤال الأهم، أين رؤية البحرين 2030؟ هل من update عليها؟ مجلس التنمية الاقتصادية.. صباح الخير 🙂

للإطلاع على اللقاء كاملاً: هنــا