في كسب جديد للوبي حق حمل السلاح في أميركا (كسرت المحكمة العليا الامريكية قرار محكمة امريكية كانت قد حرمت الاسلحة الفردية في واشنطن العاصمة، واعلنته غير دستوري. وصَوَّت قضاة المحكمة العليا بخمسة أصوات مقابل أربعة لصالح السماح للمواطنين بحمل الاسلحة الفردية وذلك وفقا للقوانين المرعية) BBC Arabic.
جاء هذا القرار بعد أن استمر منع السلاح في واشنطن منذ عام 1976، (ولطالما بررت بلدية واشنطن ان هذا المنع يهدف الى خفض نسبة الجريمة في المدينة) كما ذكر المصدر نفسه.
ويبدو واضحاً من تقارب العدد بين مؤيد ومعارض داخل المحكمة نفسها، خمسة قضاة مقابل أربعة، حدة الجدل الدائرة في الولايات المتحدة حول الموضوع.
ما الذي تغير؟! هل عادت المحافظة على أرواح المواطنين عن طريق الحد من الجريمة أمراً ثانوياً بالنسبة لصانعي القرار هناك؟
هنا جزء من الجواب، تحت عنوان (العلاقة الغرامية بين الأمريكيين وسلاحهم) يقول “تقرير واشنطن” :
“ويمثل منظمة السلاح الأمريكية NRA التي تعتبر أقوى لوبي (أي جماعة الضغط) في هذا الشأن 4.3 مليون عضو حيث تبرعت بحوالي 15 مليون دولار بصورة مباشرة لحملات سياسية ولجان حزبية منذ عام 1989، بالإضافة إلى مئات الملايين من الدولارات على اللوبي وشركات الدعاية. وذهب 84% من هذه الأموال لصالح الحزب الجمهوري. ودليل على نفوذ هذه المنظمة المتصاعد في السياسة الأمريكية ما ذكرته مجلة فورشين Fortune الواسعة الانتشار عام 2002 من أن منظمة NRA هي اللوبي الأقوى في واشنطن، مضيفة انها تتجاوز جماعات الضغط القوية التقليدية الأخرى مثل اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة AIPAC ومنظمة المتقاعدين الأمريكية AARP“.
ومن موضوع آخر لنفس المصدر: “يلعب لوبي السلاح في الولايات المتحدة دوراً هاماً في الانتخابات الرئاسية وبشكل خاص الجماعات الداعمة للحق في حمل السلاح مثل (الاتحاد القومي للبنادق) و(ملاك البنادق الأمريكيون). ويكمن عنصر المساهمة الرئيسي لهذه الجماعات في تقديم الدعم المالي للمرشحين سواء لانتخابات الكونجرس أو الانتخابات الرئاسية، إلى جانب التصويت لهؤلاء المرشحين. وتتفاوت هذه المنظمات فيما بينها في حجم الدعم المالي الذي تقدمه، فالجماعات المؤيدة للحق في حمل السلاح تنفق أضعاف ما تنفقه نظيرتها الداعية لتقييد هذا الحق”.
فالمسألة مسألة محافظة على كراسي، ومناصب، لأولئك الذين يملكون تأثيراً في القرار السياسي، ومن جهة أخرى ضمان استمرار الأرباح الناتجة من عملية بيع السلاح لأصحاب هذه الصناعة، حتى وإن كان ذلك على حساب أمن وسلامة المواطنين المساكين المغلوب على أمرهم، المخدوعين بأكبر وأتقن آلات الخداع والتضليل الإعلامية في العالم.
يقول ستيف فرايزر وغاري غرستل في ختام كتاب (الطبقة الحاكمة في أمريكا.. تأثير الأثرياء والنافذين في دولة ديمقراطية): “ولكن المظاهر الأخيرة للسخرية في ما يتعلق بالديموقراطية الأميركية هي أن إعادة هيمنة الأثرياء والنافذين تُظهر نفسها وكأنها ثورة شعبية، وحركة تحرر أكثر غرابةً وشذوذاً إن لم نقل أكثر حمقاً وعناداً”.
أعان الله مفكرو أميركا الأسوياء، فقد قرأت مرة أنهم يفكرون في كيفية فصل القرارات السياسة، كاختيار المرشح الذي يُصَوَتُ له، عن الثروة وسلطتها. إنها مسألة معقدة في ديمقراطيتهم المضحكة، لا أظن بأنهم سيجدوا لها حلاً دون تقديم تضحيات، وتضحيات مؤلمة جداً !

لم نكن، أنا وأصحابي المشاركين في أحد برامج الخارجية الأميركية، نتردد في الخروج بعد منتصف الليل من الفندق، للمشي في الشوارع المظلمة لمدينة واشنطن الجميلة، رغم أنها كانت أول محطة لنا في زيارتنا للولايات المتحدة، متجاهلين توصيات الأهل والأحباب بزيادة الحيطة والحذر.
لا أظن بأننا سنستطيع ذلك بعد سنوات قليلة !
تقرير واشنطن – حق حمل السلاح في الولايات المتحدة
أقرأ أيضاً: لوبي حق حمل السلاح وانتخابات أمريكا