الإنجاز في زمن الكورونا

هل تشعر بشيء من الذنب لأنك لم تنجز الكثير خلال فترة عزلتك هذه؟!

لا عليك، هذا الشعور ليس لأنك مُقصّر أو فاشل في استغلال وقتك، ولكن لأن هناك من أخبرك، بشيء من الاستعباط غير المقصود غالباً، بأن هذا الوقت هو الأمثل لإنجاز الكثير، والتفرغ لأشياء لم تكن تملك لها وقتاً، أو لم تخصص لها وقتاً، خلال أيامك الطبيعية التي غادرتها مُرغما قبل أسابيع قليلة. ولكن من قال أن المسألة مسألة “وقت” فقط؟!

تمر البشرية اليوم بفترة تاريخية غير عادية أبداً، تستحق كل التشتت، القلق، والغبش الذي تشعر به. آثار هذه الجائحة لم تقتصر على الجانب الصحي، بل تمددت ظلالها على جميع حقول حياتنا، الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية. هذه التداعيات ستؤثر حتماً في حياتك تأثيراً مباشراً، قد يكون عنيفاً، فمن الطبيعي أن تفقد السيطرة وحدة التركيز لوقت يقصر أو يطول. إنها مرحلة الاجتهاد قدر الإمكان للخروج بأقل الأضرار الممكنة، بعد الحفاظ على الحياة والصحة، وليس وقتاً لاكتساب عادات جديدة، غير تلك التي تُجبَر على اكتسابها، كامتناعك عن تقبيل من تحب، أو الجلوس في مقهىً يضج بحكي روّاده.

هناك بطبيعة الحال أناسٌ خارقون، ستجد يوميات عزلتهم مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، مليئة بالإنجازات. هل أنت خارق؟ أشك. الأغلب أنك طبيعي، فلا تبتئس بمستوى انتاجيتك هذه الفترة، ولا تتحمس كثيراً بكتابة قائمة طويلة من الأهداف والمهام لإنجازها خلال الأسابيع القادمة، فتضيف عبء التزامك بها على أعبائك النفسية المتوقعة والطبيعية في مثل هذه الظروف.

رغم ذلك، لا تغرق في القلق، واحذر من الاكتئاب، فهو عادةً لا يأتي فجأة. تشاغل بكتب خفيفة إذا رأيت بأن الثقيلة أصبحت أعسر هضماً، انغمس في أحداث مسلسل، دردش مع أصدقائك بمكالمة فيديو، وبالمناسبة ألعاب الفيديو.. ليست للصغار فقط. إذا شعرت بأنك بدأت تفقد السيطرة فعلاً، فامتنع قدر الإمكان عن متابعة آخر أخبار الفيروس، أعداد المتوفين والإصابات الجديدة، رغماً أن بواكير التحولات التي يشهدها العالم جديرة بالمتابعة.

ولا تنس.. ألا بذكر الله تطمئن القلوب.

لن أسمي “الخراولة” فراولة

منذ أن بدأت الأزمة الخليجية وأنا ومن هم مثلي، يعملون في قطر بينما عائلاتهم في البحرين، وهم كُثُر، في وضعٍ ضبابي غير مريح، بل هو أقرب للسواد من الضبابية، معاناة شبه مستمرة، تزداد حدة خلال رحلاتنا المكوكية من وإلى الوطن. خلال هذه الرحلة، أكثر من أي وقتٍ آخر، تطفح الكثير من الأسئلة التي ربما لا تدور في بال أولئك، أسئلة حول الوطن والمواطنة.. المعنى والمبنى، الحقوق والواجبات، الإرهاب.. مُحاربة ومُمارسة، الحرية.. الدعوة لها وعدم ممارستها، السيادة و”التعاون” الأمني، الاستعمار والاستثمار، الإعمار والاستحمار، ووسط هذا كله الناس البسطاء -نعم هناك ناس بسطاء وناس غير بسطاء- دورهم ومكانتهم في المجتمع، تمثيلهم في الدولة وقراراتها، وغيرها الكثير. كما تطفح هواجس أخرى غريبة مثل أسعار الخراف في سوق الماشية، حماية المزارع في الفصول الأربعة، فن  إدارة الفِرق، الموسيقية طبعاً، وغيرها من هواجس لا أريد أن أزعجكم بها لا تقل غرابة. 

تخيلوا كل هذه الهواجس تجتاحني مرتين كل أسبوعين، مرة في رحلة الشتاء/الذهاب، وأخرى في رحلة الصيف/العودة، وتستمر لثلاثة أيام في كل مرة، أي بمعدل 6 أيام في كل 14 يوم، وهذا كفيل أن يزداد توتر، ويرتفع ضغط، وتزور كآبة، وثياب تزداد اتساعاً. لكنني أجيد بفضل الله التعامل مع الوضع، هكذا أعتقد وأدعي، رغم أن كرشتي تُشكك في هذا الادّعاء. 

اليوم مثلاً، بعد أن تناولت غداءً خفيفاً في إحدى قاعات المغادرة، وقبل توجهي للطائرة، ذهبت إلى الحمام وتبوّلت، وشعرت براحة غريبة أكثر من مجرد قضاء الحاجة، طارت الهواجس والأسئلة، اختفى نشاز الفرق الموسيقية فجأة، وحلّت سكينة وشعرتُ بالرضى وأنا أتساءل كم شخص يود أن يكون في مثل وضعي على أن يملك صحةً وعافية ويستطيع أن يتبول براحة؟! هكذا أجيد التعامل كما أخبرتكم لأستمر في النجاة، أجيد ازدراد “الخراولة” المزروعة بكثرة في أوطاننا لألا أموت جوعاً، لكن هذا لا يعني أبداً أني سأسميها يوماً “فراولة”. لا ولن أجمّل القبح رغم اضطراري لرؤيته. ولا ولن أصف الاستحمار يوماً بغير ما يستحق. سأسكت أذا اضطُررت لكني لن. 

لماذا نعمة التبوّل تحديداً يا أحمد؟ كثيرة هي النعم الأخرى! لا أدري، ربما لأن هذه الخاطرة جاءتني فكرة كتابتها وأنا أتبوّل، وربما الوضع الخرائي يحتاج إلى أمثلة تناسبه!

لا أقول لكم هذا يا أصدقاء بثاً لِهَم، فقد صار  التَشَكي شيئاً مُملاً لا أطيقه، ولا أدري إن كان هذا مُطَمئِن أم يدعو للقلق، ولكني أقول لكم ما أقول لكم من باب الدعوة إلى التفكّر في نعم الله الكثيرة جداً جداً،  خاصة وإذا كنتم يوماً في عين مشكلة يراها البعض صغيرة جداً جداً، والبعض لا يراها أساساً، فقط لأنها لا تمسّه شخصياً، وأقول لكم ما أقول لكم لتحذروا من قلب المعاني وتسمية الأشياء بغير مسمياتها مهما دعتكم الظروف يوماً للتعامل والتأقلم. 

والحمدلله من قبل ومن بعد.

أحمد الحربان

في الجو من الدوحة إلى الكويت، مروراً فوق الوجهة الأخيرة، القريبة البعيدة.. البحرين

الخميس 18 يوليو 2019

Human Flow

المرأة الروهينغية وهي تحمل انكسارات اغتصابٍ وعذاباته، تهشّمَت سكينتها قبل أن يَتَفَحّم سكنها، ماضيةٌ إلى حيث لا تدري، إلى أي أرضٍ أقلُّ لهيباً تُكدّس عليها بقاياها.. مؤقتاً. اسألها عن السكن.

hindu-women_625x300_1527050350825.jpg

المنتظرين عند حدود اليونان ومقدونيا، طارقين أبواب أوروبا بعد مسير أيام وليالي كانت نهايتها أشبه بحلم، كانت بدايتها كابوس حقيقي.. اسألهم عن رحابة الأرض.

image.adapt.960.high.slovenia_border_20a.jpg

ذاك الافريقي، حامل ورقة عليها بضع أحرف وأرقام، ربما هويته الجديدة، يقف أمام عدسة الكاميرا وهو غير متيقن إن كان آدمياً حتى تلك اللحظة أم لا، تسجله بعثة الهلال الأحمر عند شواطئ ايطاليا، بعدما أفرغ كل ما في جيبه وحياته، ثمناً لوصول غير مضمون، قادماً من وطنه البعيد.. اسأله عن الوطن، والهوية.

xxl.jpg

العجوزتان الافغانيتان حينما علما أن حدود مقدونيا مُقفلة أمامهم، جلستا محدقتان في الأفق والأطفال يتراكضون من حولهما، إدبار عمرٍ دون إرث، وإقبال آخر دون حائط، لا تملكان أي خطة أو تدبير.. اسألهما عن الغد.

un1.jpg

الإيراني الذي أحبّ البحرُ اثنان من أفراد عائلته فضمهما لأحضانه، ولأن البحرَ كريمٌ في لؤمه، فلم يمنعهما من زيارته في منامه، كل ليلة. وهو واقفٌ على قبريهما.. اسأله عن حضور الفقد المتجدد.

Screenshot_20190217-234553_Video Player.jpg

منذُ خمسين وسبعين عاماً، يُكدسّون آمالهم في السماء، فالأنفاس التي تُفرّخ أنفاساً لم تترك في مخيماتهم مُتسعاً لشيء. الذين شابوا وهم يحتفظون بمفاتيح بيوتهم.. أسألهم عن وقت العودة.

“يقضي اللاجئون حول العالم 26 عاماً مشردين عن منازلهم”.

من وحي الوثائقي Human Flow

شكراً لمؤسسة الدوحة للأفلام التي أتاحت لنا فرصة مشاهدة هذا الفيلم.

حاسر

كان يمكن أن ينتبه لي الجرسون أسرع، ويأخذ طلبي بجديةٍ أكبر، رغم أنه لا داعي لذلك، لو أنني فقط وضعت غترتي وعقالي فوق رأسي. حتى المارّات من هنا، أو تلك اللاتي يجلسن على طاولة قريبة، خارج إطار الصورة، أو من أصادفهن في كل مطعم ومقهى وشارع، لن يبخلوا كثيراً حد الامتناع في النظر إلي، لو أنني فقط اعتمرت غترتي وعقالي!

تختفي كل الورود التي لست تحملها، وتُصبح بلا رائحة، تتطابق ألوانك بلون المشهد خلفك فتصير شبه لا مرئي هنا في الدوحة، إذا خرجت بثوبك حاسر الرأس. رغم ذلك نادراً ما ألبس غترتي خارج وقت العمل والمناسبات الرسمية، هكذا أحب وأرتاح. لستُ زاهداً بحضوري، ومن يزهد بنظرةٍ أو ابتسامة؟! أنا فقط عند خروجي من الفندق لا أفكر في ذلك، ويحدث هذا في كل مرة، ولا نية عندي لأعيد النظر في المسألة مستقبلاً.

انتهت خرافة “من خوارم المروءة”، أن يحسر الرجل عن رأسه أعني، وعقبال ما تكون “موضة”!

وجوه

تبددت سعادته بحصوله على ترقية مجانية لدرجة رجال الأعمال عندما رأى من سيكون جاره وهو يرفع حقيبته ليضعها في الرف. لم يكن بحاجة إلى الهدوء بقدر عدم قدرته على التفاعل. فشل قبل وصوله في أن ينام أكثر من ربع ساعة، بدأت الرحلة للتو، التي امتد طولها إلى رحلة الشتاء والصيف منذ عام تقريباً. ظلام الواحدة بعد منتصف الليل في الخارج، وظلام عتبات كآبة تملأ صدره، كيف سيمضي الوقت وهذا لا يكف عن الحديث؟ سأل نفسه.

بعد تحية وسلام، وابتسامة اجتهد في أن تكون طبيعية، انطلق الرجل كعادته..

  • بديت أتعب، أسبوعياً على هذي الرحلة، أتملل لو جلست الويك اند هناك وعندي عايله هني، شاسوي!
  • الله يعين.
  • الخميس وصلت وبس مع الولد.. الجمعة اعتذرت من الشباب وقلت لهم الي وده يشوفني يشرفني البيت.. ما فيني شدة أطلع. يقولون ترمب متصل طالب يحلونها.
  • العشم في ترامب.
  • مضحك مبكي الوضع.. اقول لك قبل يومين كنت اسولف مع صديق فلسطيني وكان يكلمني عن معاناتهم في الضفة إذا بيطلع مشوار من مدينة لثانية، مشوار النص ساعة مرات ياخذ منهم ساعات. قلت له احنا بعد مشوار النص ساعة صار ياخذ منا ساعات. استغرب وقال بس ليش؟! احنا عشان عندنا يهود انتوا ليش هالقصة؟! قلت له عشان عندنا مسلمين!

حتى الكوميديا سوداء مظلمة هذه الليلة، ولكنها رغم ذلك مضحكة. رد بعد ضحكة قصيرة جداً:

  • الله يعين

ممنياً نفسه بأن يكون جاره قد مرت عليه المقولة التي تقول بأنك إذا سمعت محدثك يقول “الله يعين” ثلاث مرات متتالية فالأفضل أن تتوقف عن الحديث وتتركه في حال سبيله أو في سبيل حاله، لا يهم. أغمض عينيه في محاولة واضحة للنوم. جاراه جاره، وكان الصمت حتى وصلا إلى مطار الكويت.

عند مكتب تحويل الرحلات، وقف وحيداً ينتظر طباعة بطاقة صعود الطائرة الثانية، طَلَّ رجلٌ على الموظف الذي قال له مباشرة:

  • يجب أن تنتظر يا سيدي، راجعنا الساعة 11 صباحاً.. انتظر هنا إلى ذلك الحين

وكانت الساعة لم تتجاوز الثانية والنصف بعد منتصف الليل. استغرب من طول مدة الانتظار التي يجب أن يقضيها هذا الرجل وعائلته فسأل الموظف بعد أن انصرف الأخير:

  • ما قصته؟
  • هذه عائلة سورية جاءت إلى هنا لكنها لم تحصل على تأشيرة دخول، لذا يجب عليهم أن يرجعوا على نفس الطيران في الرحلة القادمة إلى دمشق.

التفت إلى العائلة التي تجلس على صف مقاعد ليس ببعيد، الأم في عقدها الرابع، الابن في سن المراهقة، صغيرة نائمة على كرسيين، والأب الخمسيني يمشي ذهاباً وإياباً، يفكر أو لا يفكر في شيء. شيء غريب في وجوههم دعاه للتحديق فيها مرة أخرى من حيث يقف، إنها خالية من أي تعبير، لا امتعاض، لا ترقب، لا رجاء، لا شيء أبداً، لولا أنهم أحياء أمامه لقال أنها وجوه موتى! يا الله ماذا مرت به هذه الوجوه حتى تفقد كل رصيدها من المشاعر أو الحياة؟! وجوه ضاق عليها وطنها، أو ربما سقط عليها سقفه ونجت بأعجوبة. وجوه لم يُرحب بها هنا. تباً لهنا وهناك!

سخرت وجوههم الساكنة من حزنه بشدة، وبصمتٍ مطبق زجرت كل ضيقٍ فيه، تضاءلت كآبته أمامها، وتَقَزَّم هَمُّه. استلم بطاقته، ومضى مردداً في نفسه.. عندنا مسلمين.

الصورة: بورتريه سوري للفنان نذير إسماعيل

صفاقة المنطق الإيراني

أحمد الحربان – العربي الجديد:

ما زلت أذكر كم كان صعباً علينا أن نُقنع الإخوة في الدول العربية، مصر والمغرب العربي تحديداً، بموقفنا من حزب إيران الرابض على صدر لبنان، ومن سياسة إيران الخارجية، الدولة الوحيدة في العالم، فيما أعلم، التي يميز دستورها بين المواطنين في الحقوق على أساس طائفي.. اليوم صار ذلك أسهل بكثير!

في منتدى الجزيرة التاسع، الذي انعقد في الدوحة 4 مايو/أيار 2015، كانت للدكتور سيد محمد كاظم سجاد، مستشار وزير الخارجية الإيراني، كلمة بعد برنامج الافتتاح، ألقاها بصفته الأكاديمية لا الدبلوماسية، كما قال، ألقاها مُحمّلة بوزن زائد من المغالطات، لم يُسعفه بيانه وما يحويه من منطق لتمريرها على الحضور.

كانت الرسالة التي اجتهد ليُقنع الحضور بفحواها تقول باختصار: على العرب أن يتعاونوا مع إيران، وأن يقبلوا بها كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها إذا ما أرادوا أن يحلوا مشاكلهم المتفاقمة.

د. سيد محمد كاظم سجاد
د. سيد محمد كاظم سجاد

بعد كلمته كانت الجلسة الأولى، افتتحتها توكل كرمان بكلمة بدأتها بالإشارة إلى مغالطات الإيراني محمد كاظم، مُختصرة بداية أحداث اليمن الأخيرة والدور الإيراني الذي ساعد على انزلاق البلد إلى الفوضى.

توكل كرمان في منتدى الجزيرة التاسع
توكل كرمان في منتدى الجزيرة التاسع
1798876_1141084945917772_5710090484996982303_n
خالد صالح

ولم تكن كلمة خالد صالح، رئيس المكتب اﻹعلامي في الائتلاف الوطني السوري، المشارك في ذات الجلسة، أقل حدة من كلمة توكل، كيف لا وهم يرون جنود إيران يُقاتلون على اﻷرض في سورية.

وفي استخفاف سخيف، أرجع حسن أحمديان، أستاذ مساعد في جامعة طهران والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجلس تشخيص مصلحة إيران، في ذات الجلسة أيضاً، موقف العرب العدائي من إيران إلى حملة إعلامية كاذبة انطلقت من البحرين تستهدف إيران وتتهمها بالتدخل، اتهام يفتقر إلى الدليل، حسب قوله.

هكذا إذاً نجحت البحرين في بث كراهية إيران بين العرب، بحملة إعلامية كاذبة، في الوقت الذي يئن العرب فيه من واقعٍ أُزهقت الكثير من الأرواح خلف عبثيته، لا تستطيع إيران بكل خبثها السياسي أن تتنصل من مسؤوليتها تجاهه.

حسن أحمديان
حسن أحمديان

هنا يفقد العقلاء والمتعقّلون أي حافز يدفعهم للتحاور الإيجابي مع إيران، حينما يصل الكذب وتصل الصفاقة إلى هذا المستوى، عندما يستخف الإيرانيون بالعرب وبدم العرب إلى هذا الحد.

لقد زادت إيران من خصومها، ولم تعد بقعة عربية إلا ولها فيها أعداء كُثُر، راهنت هذه الدولة الطائفية على قضايا خاسرة، ليس أولها دعم نظام الطائفي المالكي في العراق، ولن يكون دعم جماعة الحوثي في اليمن آخرها.

خسرت إيران لأنه لا يمكن للدهاء السياسي أن يقف أمام دماء الشهداء في سورية والعراق، تلك الدماء التي مسحت كل مساحيق “إسلامية” الجمهورية الإسلامية و”ثورية” النظام الثوري الإيراني.

أظن أن إيران بحاجة إلى حملة إعلامية ناجحة كالتي أطلقتها البحرين، حسب رأي الأستاذ، لعلها تُقنع الدوائر الغربية ببراءتها من الدمار والدم اللذين تتسبب فيهما. أما في الوطن العربي، فلم يعد هناك عاقل مُقتنع بإسلاميتها أو ثوريتها.

الحوار والتعايش مطلوبان، ولكن بعد أن يتم لجم هذا العدوان المتواصل، وإعادة توزيع أوراق القوى في المنطقة، وهذا ما نأمله بعد عاصفة حزم سورية وعراقية بقيادة عربية تركية.

رابط المقال على العربي الجديد: هنــا

هل يأتي فصل “التجديد” العربي بعد ربيعه؟

thoughts-big

هناك أمل يجب أن لا يموت، أملٌ لا يُغذيه، في رأيي، سوى الإصرار على طرق أبواب التابو والتشكيك في صلابته!

أحمد الحربان – العربي الجديد:

هل من المناسب اليوم أن نقول إن حقبة “الربيع العربي” انتهت، وإن ما هو قادم ليس سوى خريف بارد؟ قد نختلف في تحديد زمن هذه الحقبة لاختلاف رؤيتنا لما جرى خلالها من أحداث وكوارث. هل هو انفجار ضخم هَدَّ حيطاناً وأبقى أعمدة، قد تم احتواءه ببراعة ومكر رغم ما يصحب الانفجار عادةً من تبعات غير متوقعة، أم هو بداية تحول كبير لم يكن ربيعه المُضَرّج بالدماء سوى أول فصوله؟!

هبّت رياح التغيير شرقية من تونس، حملت معها ما حملت من تطلعات وآمال، وقف العالم هُنيهة مذهولاً، وبعد أن قرأ قراءته الأولية للأحداث والتي كان الإسلاميون عنوانها، جاءت الموجة الارتدادية عنيفة، فتحت الباب على مصراعيه للتدخلات، وكشفت قبل ذلك عن خلل بنيوي عميق في الثقافة السياسية العربية، فاختلط وعي الناس، ارتبكت أفهامهم وحاروا في تحليل المآلات وفهم مسبباتها، فإن كان البعض يدّعي وضوح الصورة متمثلة في صراعٍ بين خير وشر، فإن هناك آخرين، وفي إطار سعيهم للتحليل والفهم، قد طرحوا أسئلةً محرمة شجّعهم دوي الانفجار على الجهر بها.

بغض النظر عن أمد الحقبة، فإن نتيجة ما حصل حتى اليوم على صعيد الوعي العربي، هذا الوعي الذي تتسارع الحوادث اليوم في إشغاله وتشتيته ولا تترك له المجال لالتقاط أنفاسه، كفيل بأن يُبشّر بحقبة جديدة عنوانها “التجديد العربي”.

لم تكن أسلحة المتربصين بالربيع العربي مُقتصرة على الدهاء والخبث، بل ما كان لهذه الأسلحة أن تفعل فعلها لولا ضعف تصورات الإسلاميين، أول قاطفي ثمار الثورات العربية، في أول اختبار. انكشفت الجماعات الإسلامية على واقعٍ كانت تظن، وفي أحيان كثيرة تدّعي، إلمامها التام به، واتضح فيما بعد حجم الهوة بين التصور والواقع، وإذا كان ابتعادها القسري عن ممارسة السياسة في بعض الدول عاملاً في اتساع هذه الهوة، فإن ما تحمله هذه الجماعات من أيديولوجيا، تقرأ من خلاله واقعها وتُحدد طبيعة تفاعلها معه، عامل آخر لا يقل تأثيراً عن العامل الأول، وإذا لم تلتفت لتلك الأيديولوجيا وتُخضعها لعملية مراجعة وتجديد، فقد تزداد الهوة إتساعاً، ويستمر ثمن التغيير في الصعود.

كأن هذه المنطقة كانت بحاجة إلى أن تمر بكل ما مرت به حتى تستفيق وتُعيد التفكير في منظومتها الفكرية، هذا إذا أفقنا وأعدنا التفكير، فكل ما نراه من كوارث اجتماعية وأخلاقية وسياسية هو نتيجة عالم مضطرب جداً من أفكار يُراهن البعض على أنها ما عادت تصلح، والمُخيف أن هذه الأفكار غالباً ما تُربط بالدين، والذي هو في الحقيقة فهم بعضنا للدين، فتُربط تلقائياً بالحلال والحرام، الجنة والنار، والموقف من الآخر، فيلحق الاضطرابُ تباعاً عالم علاقاتنا.

هل نحن مقبلون على مراجعات كبرى، أو وقفات كما يسميها البعض في آدابه، تُطرح فيها مسائل مفصلية في الفكر العربي الإسلامي كان من المحرم التطرق إليها ولو لمزاً قبل أربع سنوات؟ هذا ما أتمناه، فهذه الفوضى الواضحة في أذهان الكثير مُشجعة على طرح الأفكار الجديدة والجريئة، وهذه مسؤولية تقع على عاتق المخلصين من المفكرين الإسلاميين، وعلى الشباب مساعدتهم في هذا التحدي الكبير، فالمراجعات وطرح الأفكار الجديدة ليست بالعملية اليسيرة، فدونها التخلي عن مدارس وقناعات حُشدت الجهود واُستثمرت الأموال لسنوات في سبيل تشييدها، ويقف حُرّاس يصعب عليهم التخلي عن إيمانياتهم في الصف الأول دفاعاً عنها، سواء أكانت مبنية على أساس واضح من الشرع والمنطق، أم على فهمٍ خاص للشرع، بعيداً كان هذا الفهم أم قريباً من المنطق.

وفي الحديث عن التجديد، يجب أن نتذكر أمرين مهمين؛ ضرورة المبادرة فوراً في الاشتغال بعملية المراجعة، فكلما تأخرنا في ترتيب عالم أفكارنا، كلما طال رزوحنا تحت وطأة التخلف والمصائب. الأمر الآخر هو التحذير من تكرار نفس الخطأ الذي كلف الجماعات الإسلامية كثيراً، وهو تقديس الفكرة، هذا التقديس الذي يُسوَّغ في البداية لحمايتها، يمنعها لاحقاً من التجديد، ويمنع مناصريها من مراجعتها في ظروف أخرى وزمن لاحق يقتضي فيه التجديد.

في ظل كل المآسي التي نمر بها، يبقى هذا الفضاء المشحون بالأفكار وتفاعلها أمراً إيجابياً، لعل هذا التفاعل كفيل بإطلاق سراح المخيال العربي الإسلامي من أسر أفكاره القديمة. هناك أمل يجب أن لا يموت، أملٌ لا يُغذيه، في رأيي، سوى الإصرار على طرق أبواب التابو والتشكيك في صلابته!

رابط المقال في صفحة العربي الجديد: هنــا

تحيا مصر.. ويحيا العدل..

كلكم رعاعٌ همجٌ لا تعقلون..
أثّرَ في عقولكم الجوع، ولعب في ضمائركم الفساد، وأطار القهرُ والذلُ أذهانكم،
لا تعرفون ولا تعقلون، وإلى فساد بلادكم تسعون..
نحن فقط، الذين لم نشعر بالجوع يوماً، سوى جوع الصيام،
ولم نُعاني بردَ شتاءٍ أو حرَّ صيف،
ولم يخدش كرامتنا ذلٌ، ولم يمس سلامة عقولنا قهرُ..
نحن فقط الذين نزن الأمور بموازين أقرب ما تكون في عدلها بموازين السماء..
نحنُ أعلم بكم منكم..
ونحن أخبر بشؤون بلادكم من ساكنيها وراكعيها وراقصيها..
وإن كنتُ يوماً وصفت من انتخبته إرادتكم العوجاءُ رئيساً بـ”رجل عادل أمين”..
فلربما لم أنم في الليلة السابقة جيداً،
أو ربما هُناك من دس حشيشاً في سيجارٍ مصصتُه،
وفي بلادكم يكثُرُ الحشيش..
وإلا أين العدل في حبس رئيسكم المبارك حسني ؟!
ونحمد الله أن قيّض لمصر الإسلام والعروبة قضاءً عادلاً
ينقذ بلادكم منكم

تحيا مصر المحروسة بعين الله التي لا تنام..
ويحيا العدل.

B3nmqlaCUAIkQte

مواقع مفضلة

في الانترنت الكثير من المواقع الجميلة، ولكل منا بعض المواقع المُفضلة، التي يحب أن يزورها بشكل يومي أو دوري، لمعرفة جديدها، وذلك بناءً على ذائقتنا واهتماماتنا.

في هذه التدوينة، استعرض معكم تلك المواقع التي أتردد عليها باستمرار، مع ذكر ما يعجبني فيها..

sasa post

Screenshot_2014-11-13-13-08-12

مجموعة من الشباب، وبإدارة متميزة، يُضيفون من خلال هذا الموقع محتوى عربي جميل، فالأخبار الواردة فيه، والتحليلات المُختصرة، من الصعب أن تجدها في مواقع أخرى. وهذه أبرز سياسة يتبعها الموقع، أن ينشر شيئاً غير مألوفاً، وإن وجدت موضوعه بموقع آخر فستجد تناوله هنا بأسلوب مختلف. يتميز أسلوب المقالات والأخبار هنا أنها مكتوبة باختصار غير مُخل، وتحتوي على معلومات قيّمة للقارئ. والمقال الذي تطرق للتبادل الاقتصادي بين تركيا وإسرائيل، كان أقوى دليل في وجهة نظري على حيادية الموقع، خاصة وأنه نُشر في توقيت حرج للغاية، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.

كما يميز الموقع أن محتواه متنوع، وفي قسم ترجمات، تجد أخبار وتقارير مختصرة، مُترجمة أحياناً من عدة مصادر وليس من مصدر واحد فحسب، تضمن لك إلماماً شبه شاملاً بالموضوع المُتناول.

ساسة بوست.. لا أمِلُّ من قراءةِ محتواه !

التقرير

Screenshot_2014-11-13-13-08-45

أفضل موقع في رأيي يجمع التقارير المعنية بمنطقة الشرق الأوسط، بعضها يكون مترجماً من مجلات ومصادر أجنبية مشهورة، مثل الفورين بوليسي، أو هافينغتون بوست. وبالإضافة إلى المقالات التي ينشرها الموقع في قسمه (آراء حرة)، فإنه ينقل أيضاً “مقالات مُختارة” من مواقع أخرى، ستكتشف أنها تستحق الاختيار.

التقرير.. مصدر مميز لمعرفة ما يجري في هذا الجزء من العالم !

الجزيرة

Screenshot_2014-11-13-14-07-31

وبالطبع موقع الجزيرة، أحب مطالعة قسم المعرفة، وبالتحديد قسم الكتب، أجد فيه عروض لمجموعة من الكتب، العربية والانجليزية. كما أن الموقع يُعد من أكثر المواقع الإخبارية زيارة على مستوى الوطن العربي، لذا تجد تفاعلاً أكبر مع الأخبار المنشورة، ولكن للأسف نادراً ما تضيء بعض التعليقات جوانباً مُعتمة، وفي الغالب تكون مجرد تأييد أو رفض للخبر أو طريقة صياغته، وأحياناً تشكيك في صحته!

للجزيرة شبكة واسعة من المكاتب والمراسلين، تضمن تغطية متميزة للأحداث. ولأني قبل كل شيء أعمل في الجزيرة 🙂

Entrepreneur

Screenshot_2014-11-13-14-04-45

اشتركت منذ مدة نسيت طولها في النشرة الالكترونية لهذا الموقع، استلم منهم نشرة الكترونية تحتوي على جديد الموقع كل يومين أو ثلاثة، مع الوقت صرت من خلال هذه النشرة أستفيد من مواد هذا الموقع كثيراً، وإن كان الموقع مُخصص أكثر لرواد الأعمال، ولكنه ينشر نصائح إدارية وشخصية تساعد على تنمية المهارات الشخصية، كما يعرضها الموقع في أحيان كثيرة بصيغة Infographic.

Entrepreneur.. مرجع هام للمهارات الشخصية، خاصة تلك التي نحتاجها في حياتنا المهنية.

الشامل

Screenshot_2014-11-13-13-09-50

لا زلت أحتفظ بمسودات مشروع موقع الكتروني يغطي أخبار البحرين، كنت أحلمُ يوماً أن يرى النور، إلى أن غيّبته اهتماماتي الأخرى وبعض الصعوبات، وكان أبرز أقسام الموقع في ذاك المشروع هو المقالات، ليجمع هذا القسم مقالات أبرز كتاب الأعمدة في البحرين في مكان واحد، يسهل على القارئ متابعته بدلاً من القفز من موقع جريدة إلى أخرى. جاء الشامل وحقق هذا الهدف تماماً، بغض النظر عن الأسماء المُختارة في هذا القسم، إلا أنها تُشكل تنوعاً مطلوب، ربما هناك من هو أبرز منها، أو من بعض الأسماء الواردة فيه، إلا أني صرت أكتفي بمطالعة هذا القسم بين فينة وأخرى لقراءة بعض الأعمدة البحرينية وتناولها للأحداث المحلية.

هذه أبرز المواقع التي أحب مطالعتها، ما هي المواقع المفضلة لديك؟ أتمنى أن تشاركني وتشارك القُراء إياها من خلال التعليق.

تحياتي 🙂

الدوحة – لندن

London-Bus-nemonic-com

توفر لك رحلة الطائرة وقتاً كنت تظن أنك لا تملكه وأنت على اﻷرض، سرقه منك اتصالك الدائم بشبكة البيانات التي تتيح لك استخدام مختلف البرامج على هاتفك الجوال كل لحظة، خاصة برامج الدردشة والتواصل الاجتماعي. لقد قضيتُ وقتاً مُنتجاً خلال رحلتي من الدوحة إلى لندن، أكثر من 7 ساعات بقليل، شاهدت خلالها مقابلة تلفزيونية حملتها منذ فترة على جهازي النوت، وفيلمين من الأفلام المعروضة في الطائرة، وأنجزت مهمة كتابة 4 توصيفات وظيفية مطلوبة للعمل. ومع وجبة العشاء والدردشة قليلاً بمؤخرة الطائرة مع عجوز مكثت في البحرين لمدة عامين في نهاية الستينات تُقدم دروساً ﻷطفال العاملين في سلاح الجو البريطاني، لم يبقَ ما يكفي من الوقت للقراءة في كتاب. أما السيدة التي كانت بجانبي، فقد كانت على “الصامت” طوال الرحلة.

الفيلم اﻷول، كان على قائمتي للمشاهدة منذ مدة، وهو فيلم FROZEN.. باختصار وبلهجة بعض الصديقات: “سوبر دوبر كيوت موفي” أعجبني كثيراً.

الفيلم الثاني Ali.. وهو جزء من سيرة محمد علي كلاي، ركز الفيلم كثيراً على علاقة كلاي باﻹسلام والإسلاميين وعلى رأسهم مالكوم أكس وألايجا محمد، يستعرض هذا الفيلم أهم لقاءات بطل الملاكمة، وقصة رفضه للانخراط في الخدمة العسكرية، والحكم عليه جراء ذلك بخمس سنوات سجن وغرامة مالية، الحكم الذي استطاع لاحقا أن يتخلص منه وينجو من الحبس، كما فيه لمحة عن التمييز العنصري في أميركا خلال تلك الفترة.

أما المقابلة التلفزيونية فقد كانت مع شخصية خليجية مثيرة للجدل، مثيرة للسخرية بعبارة أدق، أُفضل عدم الكتابة عن هذه المقابلة وعن كم التخلف والجهل التي احتوته !

لندن.. مررت مطار هذه المدينة أكثر من مرة، ولكنها المرة اﻷولى التي تفُضُّ تأشيرة دخولها جوازي اﻷحمر.. التأشيرة التي تطلب الحصول عليها شيئاَ من جهد وتوتر، في حالتي على اﻷقل!

جئت في رحلة عمل، وسأمكث يومان إضافيان للتجول ولقاء عدد من المعارف واﻷصدقاء.

حان وقت النوم، تصبحون على خير 🙂