الخسائر الفادحة للرأي المكتوب

سألته لماذا يكتب دائماً روايات بدلاً من كتابة أعمال غير روائية.

قال: “الرواية أأمن. معظم الموضوعات التي أطرحها في رواياتي محل جدل وخلاف. فيتنام، هاييتي، الثورة المكسيكية. كثير من الناشرين سيخشون نشر عمل غير إبداعي عن هذه الموضوعات” أشار إلى صحيفة نيويورك تايمز … وقال: “مقالات صحفية مثل هذه قد تتسبب في خسائر فادحة وابتسم وأكمل: “بالإضافة لذلك، أحب كتابة الرواية. إنها تمنحني كثير من الحرية في الإبداع”. ثم نظر لي بانفعال وقال: “المهم في الأمر أن تكتب عن أشياء ذات أهمية. مثل مقالتك العالمية عن القناة”.

اقتباس من كتاب (الاغتيال الاقتصادي للأمم: اعترافات قرصان اقتصادي)، وهو جزء من حوار دار بين كاتبه جون بيركنز والكاتب جراهام جرين.

ذكرتني هذه الفقرة التي مررت عليها هذا المساء بـ “الخسارات الفادحة”، أو هكذا حسبها بعض أصدقائي، عندما كنت أُدروِشُ وأكتب بعض مقالات الرأي، خاصة تلك التي كانت تتناول أداء الجماعات الإسلامية في البحرين. أعترف بأني خسرت بعض الشيء، ولكني كنت أظن، وصح بعد أمدٍ ظني، بأنه لا مانع من أن أكتب ما أراه مناسباً حينها، مع مراعاة الأسلوب، خاصة إذا كانت الفكرة جديدة أو صادمة نوعاً ما، فتزداد حينها أهمية أسلوب الكتابة. أعترف أيضاً.. كان أسلوبي استفزازياً.

أذكر أيضاً بأني جربت مرة وكتبت عن موضوع سياسي في قالب قصة قصيرة، وبصراحة لم تكن القصة القصيرة أأمن من المقال الصحفي. ربما لأني لم أستخدم الرمزية بما فيه الكفاية، وكل ما فعلته هو رسم توأم للواقع مع تفاصيل مُتخيلة وأسماء مستعارة !

الأسبوع الماضي كانت تختمر في رأسي بعض الأفكار، وكنت أنوي الرجوع لكتابة مقالات الرأي مع محاولة الالتزام بذلك، ولكن التجاذبات الحادة الناتجة عن موضوع سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر، ومتابعتي اللاشعورية لتطورات الحدث، دفعتني لا إرادياً إلى تأجيل الأمر.

السؤال، في ظل الهجمة الأمنية المرتدة، التي جاءت بعد أحداث الربيع العربي، هل سنشهد استخداماً أكثر للفنون، ومنها فن الرواية، للتعبير عن الرأي المعارض للأنظمة والحكومات في المنطقة ؟