مقال غير منشور للكاتب البحريني إبراهيم بوصندل
بهذه العبارة كان الممثل “حسني البرزان” يبدأ مقاله الذي لم يكمله قط حتى انتهت حلقات المسلسل، بل وحياته المهنية والحقيقية أيضا.
فكان ”حسني البرزان” ما أن يبدأ في كتابه المقال، ويبدأ بالعبارة الشهيرة “إذا أردنا ان نعرف ماذا في إيطاليا؛ يجب أن نعرف ماذا في البرازيل،، أما إذا أردنا أن نعرف ماذا في البرازيل.. فيجب أن نعرف ماذا في إيطاليا”؛ وما ان يبدأ حتى تنزل عليه مصيبة أو داهية أو مفاجأة ويكون سببها في الغالب غوار.
اليوم يمكن استعارة هذه العبارة لتفسير الكثير من الأحداث، فعلى سبيل المثال يمكن كما قال عبدالعزيز الذكير في جريدة الرياض: ” إذا أردت أن تعرف ما يجري في العراق.. أو في.. أو في.. عليك أن تعرف ماذا في واشنطن أو ماذا قال السناتور الفلاني ..”.
وعلى هذا المقياس وبشكل أوضح يمكن القول وبكل ثقة: إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيران، يجب أن نعرف ماذا في سوريا، وأيضا ماذا في لبنان، وماذا في العراق، وماذا في اليمن، وماذا في البحرين والكويت والسعودية، وماذا في مصر، وماذا في أفريقيا، وماذا في ماليزيا والقائمة تطول.
لقد اهتمت إيران بما يجري في كل تلكم الدول وغيرها، وتدخلت في شؤونها، وحرضت بعض أبنائها، وأمدت بعضهم بالمال والسلاح والعتاد والدعم الإعلامي والسياسي، حتى أنها لم تعد تملك لا المال ولا الوقت الكافي للاهتمام بالإيرانيين أنفسهم، وبالشعب الذي تحكمه هي، لانشغالها في الشعوب التي يحكمها غيرها.
ربما اعتمدت إيران على ثنائية الدين والمذهب والحرس الثوري، حيث يتم تخدير الشعب بالدين وولاية الفقيه من جهة، ومن لم يتخدر، يتولى أمره الحرس الثوري بمعرفته.
يقول حسن نصر الله وأنقل بالحرف من خطابه: “نحن وعالمكشوف ويمكن هيك شي بالعالم كله ما فيه .. إنه واحد يطلع علنا وشفاف وصادق،، وبيقول للعالم كله، نحن يا خيي على راس السطح، موازنة حزب الله ومعاشاتو ومصاريفو وأكلو وشربو وسلاحو وصواريخو من الجمهورية الإسلامية في إيران، تمام .. ما حدا إلو علاقة بهذا الموضوع”!!
طبعا لا يهتم نصر الله بموازنات الشعب الإيراني، ولا بمعاشاتو ومصاريفه وأكله وشربه، مدام كل ذلك متوفر للحزب الذي هو فرع لإيران، فليذهب الشعب الإيراني إلى الجحيم.
وأما قوله: “ما حدا إلو علاقة بالموضوع” فهو خطأ أيضا، لأن الشعب الإيراني الذي خرج في الشوارع له كل العلاقة بالموضوع، فأكلك وشربك ومصاريفك ومعاشاتك يا نصر الله إنما هي مخصومة من معاشات الشعب الإيراني ومن أكله وشربه ومعاشاته، فللشعب الإيراني كل العلاقة بالموضوع، ولكن حسابه ليس معك وإنما مع من أخذ أمواله وصرفها لك ولغيرك.
ثم يضيف حسن قائلا بتهكم وهو يبتسم: “طالما بإيران فيه فلوس (يضحك) يعني إحنا في عندنا فلوس! بدكم شفافية أكثر من هيك! ومالنا المقرر يصل إلينا، وليس عن طريق المصارف، وكما وصلت إلينا صواريخنا التي نهدد بها إسرائيل (كما زعم)؛ يصل إلينا مالنا، ولا يستطيع أي قانون!! أن يمنع وصول هذا المال إلينا!. هلأ في ناس بيعترضوا يعترضوا،، هذا البحر ما شاء الله، البحر الأبيض المتوسط اشربوا منو”
ثم وبعد شكر الجمهورية الإيرانية على الدعم الذي استمر لسنوات ولا يزال، يعقد نصر الله مقارنة بين حزبه وبين منتقديه ولعله يقصد لبنان بأكمله فيقول: “ولذلك لا … انتوا ما عم تدفعوا معاشات.. حنا عم ندفع، انتو موقفين الموازنات.. حنا عم ندفع موازنات، انتو اللي بعدكو ما دفعتوا أعباء انتخابات 2009، نحنا خالصين من الانتخابات البلدية، نحنا ما عندنا مشكلة..”.
إلى آخر الخطاب الذي يحتاج فعلا إلى تحليل وتعليل بل إلى وقفات للمحاسبة.
طبعا المحاسبة لا تجري من المجتمع الدولي، ولا حتى من داخل لبنان فحسب ولا من الدول الإقليمية أو المعنية؛ وإنما المحاسبة لما يجري في لبنان وفي سوريا وفي اليمن الخ .. تجري حاليا مع صاحب القرار ومع المعطي قبل الآخذ.
الشعب الإيراني لم يستجب لكلامك ويشرب من البحر الأبيض المتوسط، وإنما قرر أن يجعل من يدفع لك المصاريف والأكل والشرب،، يشرب من الكأس المر التي ذاقتها كثير من شعوب المنطقة بسببك وبسبب مصاريفك ومعاشاتك وأكلك وشربك.
لهذا نختم بما بدأنا به لضيق المساحة،، فإذا أردنا أن نعلم ماذا يجري في إيران؛ يجب أن نعلم ماذا يجري في سوريا ولبنان.
6 يناير 2018م