التقديس والخطوط الحمراء

يعقوب سليس
يعقوب سليس

أعتقلت السلطات الأمنية في البحرين يوم الأحد 31 أغسطس 2014، الناشط بائتلاف شباب الفاتح، الأخ الفاضل يعقوب سليس، بسبب تغريدات له على تويتر قبل نحو 3 أشهر تناول فيها مشاركة العسكريين في الانتخابات النيابية. وقد أُفرج عنه بعد يوم من اعتقاله، بعد أن قرر القاضي إرجاء محاكمته إلى 13 أكتوبر2014 لإطلاع المحامين على أوراق القضية والرد، مع ضمان محل إقامته.

وقد تفاعل البحرينيون على تويتر مع القضية، مطالبين السلطات بإطلاق سراحه، فالحديث عن توجيه أصوات العسكريين لم يكن اختراعاً سليسياً، وهو موضوعٌ متداول في المجتمع بشكل واسع ومنذ بداية العهد الإصلاحي الذي دشنه جلالة الملك حفظه الله ورعاه، كما يصرح به قادة المعارضة، ولم نجد أحداً حُوكم بسببه.

وهناك من تفاعل في الطرف الآخر، فكتب أحدهم ثلاثة مقالات في جريدة أخبار الخليج عنوَّنها (قوة دفاع البحرين.. كل الخطوط حمراء)، موهماً بالعنوان أن ماغرَّدَ به أخونا يعقوب إساءة لمؤسسة قوة دفاع البحرين، الأمر الذي نفاه يعقوب أمام المحكمة: “أي مساس بالجيش هو مساس بي لأني مواطن بحريني“.

أود وباختصار أن أعلق هنا على نقطتين، وأسمحوا لي أن أقتبس من مقالاته الثلاث سطراً وفقرة..

القوات المسلحة البحرينية، ممثلة في قوة دفاع البحرين … ولن نبالغ إذا ما قلنا إنها مؤسسة مقدسة …”

وقد لاحظت يوم أمس، أنه بمجرد أن ذاع خبر أحد الرهط الذين يحاولون خاسرين الإساءة إلى القوات المسلحة البحرينية، سرعان ما قفز إلى المشهد نفس الأشخاص الذين عرفوا بتبني فكر أكاديميات الانقلاب! نفس الجوقة الحالمة خرجت مجدداً لتردد هرطقات «حرية الرأي والتعبير»، ويجهل هؤلاء، أو ربما لا يجهلون، أن مع المؤسسة العسكرية، سواء كان الأمر في البحرين أو في بريطانيا أو في الولايات المتحدة أو في أي مكان يحترم قواته المسلحة، فإنه لا مساس أبداً بخط الدفاع الأول، ولا مجال للنظريات الحالمة التي أوصلت المنطقة إلى ما هي عليه الآن.”

تقديس غير المُقدس.. هل أنا بحاجة لتفصيل هذه الهرطقة أو النظرية وخطرها؟ الاحترام شيء والتقديس شيء آخر. قلة الاحترام شيء وما ذكره أخينا يعقوب شيء آخر. نختلف؟ وارد. يفصل القضاء، ويحدد ما هو الاحترام من عدمه. أما ثقاقة التقديس والخطوط الحمراء، التي يُراد أن تُعمم على أشياء كثيرة فيما يبدو، فهي ثقافة تطبيلية رائجة، يتفنن في نشرها من يريد أن يُصادر آراء الناس ويكمم أفواههم، طمعاً في …

النقطة الثانية.. هنا طريقة جديدة وسهلة ابتكرها بعض كُتاب البحرين لمصادرة أي رأي مُخالف يودون مصادرته، هي نسبة هذا الرأي إلى فكر أكاديميات الانقلاب، وقد جاء هذا الابتكار “الشماعة” بعد أن رفع أحدهم في لقاء عبر تلفزيون البحرين خارطةً لثواني معدودة قبل أن يخفيها سريعاً عن الكاميرا، خارطة “كيف تصنع ثورة؟، زاعماً بأنه بإمكانك القيام بثورة تطيح بالنظام من خلال هذه الخارطة! وفَلسَفَ حينها قاعدةً ذهبية: كل انتقاد للسلطة، أو رأي مخالف لها، هو بمثابة تحريك لمياهٍ راكدة وخلق موجات استياء لدى الشعب، تؤدي في نهاية المطاف إلى ثورة تهدف إلى قلب نظام الحكم. هكذا بكل بساطة !!

ما أضحكني فعلاً، وصف كاتبنا من دافع عن سليس وطالب بإطلاق سراحه بأنه مُتبنٍ لفكر أكاديميات الانقلاب، وأنهم جوقة حالمة خرجت لتردد هرطقات، وما هم إلا بعض المتفلسفين ممن يحبون الظهور والشهرة، وممن يريدون أن يخالفوا حتى يُعرفوا، وممن يريدون لفت الانتباه أو لعب دور البطولة، ثم يأتي في مقال رابع، أخير حول الموضوع، يقول: إن النزعة العصبية (من الأعصاب) والإقصائية (من الإقصاء) فيما ذهب إليه هذا النفر، ومحاولتهم غلق أفواه الغير بشريط لاصق، حتى لا يقال لهم ما يخالف معتقداتهم، كانت واضحة وبيّنة.

سبحان الله 🙂

سؤال قانوني:

إذا ما قيل للعسكري المنتمي لمؤسسة عسكرية، أية مؤسسة عسكرية كانت، (أنت مُوَّجَّه). هل يعتبر ذلك إهانة يُعاقب قائلها بقوة القانون؟ طيب هو طول حياته المهنية يتلقى الأوامر بتعظيم السلام صارخاً: حاضر سيدي!

مع كل الاحترام والتقدير الصادقين لمؤسسة قوة دفاع البحرين. حفظ الله البحرين.

نُشرت بواسطة

alharban

Bahraini guy, working at Al Jazeera Media Netowrkin Doha. Triathlete, 2 IM in pocket. Founder of @weallread.

اترك رد