أنتهيت قبل أيام من قراءة كتاب اعترافات قاتل اقتصادي، لكاتبه جون بيركنز، وهو كتاب مشهور جداً نُشر في 2004، يتحدث فيه الرجل عن سيرته المهنية كخبير اقتصادي تم تجنيده من قبل CIA لإقناع الدول المُستهدفة بضرورة إنشاء مشاريع ضخمة، تُنفذها لهم شركات الطاقة الأميركية بتمويل من البنك الدولي وغيرها من المؤسسات المالية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، لتُصبح هذه الدول تحت ديون طويلة الأجل يصعب التخلص منها، وبالتالي تقع تحت الابتزاز السياسي أيضاً.
دوره تحديداً: كتابة تقارير ورفعها للحكومة المُستهدفة تُبين فيه، بالأرقام -بغض النظر عن دقة هذه الأرقام وحساباتها-، حاجة البلد لمشاريع التطوير خاصة فيما يتعلق بمجال الطاقة. الحكومات المتعاونة والموافقة على تنفيذ التوصيات والمشاريع يتم دعمها وتمكينها سياسياً، أما الحكومات غير المتعاونة فيتم إقصاءها بطريقة أو بأخرى، ويذكر على ذلك أمثلة منها الإنقلاب على محمد مصدق رئيس وزراء إيران السابق، والاتفاق مع الحكومة السعودية في عملية كانوا يُسمونها -الخبراء الاقتصاديون- فيما بينهم (غسيل أموال المملكة العربية السعودية).
ما هي عملية غسيل أموال المملكة العربية السعودية؟ تجدون الإجابة في هذا الفيديو الذي يركز على هذا الجانب من سيرته، بالإضافة إلى شيء عن مصر..

لا أعلم الدافع الحقيقي وراء اعتراف هذا الرجل الذي يقول بأن ضميره كان يؤنبه لفترة طويلة ولم يعد يستطيع تحمل المزيد، علماً بأنه استفاد من هذا النظام الذي يسميه (الكوربوقراطية) أي حكم الشركات، أيّما استفادة . فحتى حينما قرر، بدافع صحوة الضمير كما يقول، الخروج منه، أسس شركته الخاصة للطاقة النظيفة، وحققت نجاحات بسبب علاقاته والمميزات التي يقدمها هذا النظام، ثم بعد ذلك باع الشركة في صفقة رابحة.

قرأت قبل مدة طويلة كتاب يفضح نفس الموضوع، وهو أيضاً غني بالمعلومات المثيرة، ولكن من شخص عمل في جهة أخرى من النظام، فبيركنز عمل في شركة استشارات، بينما جوزيف ستيغليتز كان كبير الاقتصاديين في البنك الدولي (1997-2000)، الحاصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 2001، كتب هذا الأخير أيضاً كتاباً كاشفاً أسماه (خيبات العولمة) الذي نُشر في 2002.
لا زلت أذكر جيداً اليوم الذي كنت أقف فيه أمام جناح دار الفارابي في معرض البحرين للكتاب، حيث مد لي البائع كتاب ستيغليتز ونصحني بقراءته مُستغرباً وآسفاً كيف لكتاب مثل هذا لا يحظى على إقبال الجمهور. بعد قراءتي للكتاب حاولت دعوة الكاتب ليكون متحدثاً رئيسياً في ملتقى إدارة الأعمال الثاني في جامعة البحرين، والذي كان بعنوان (التجارة الحرة.. الفرص والتحديات) ولكنه للأسف اعتذر. قراءة في الكتاب: هنـا
لبيركنز كتب أخرى، آخرها Hoodwinked، يُقال بأنه ممتاز أيضاً، ولن أتردد في قراءته إذا ما نُشرَ مُترجماً.
موقع جون بيركنز: http://www.johnperkins.org
نبذة عن الكتاب هنـا
نسخة من الكتاب هنـا
شكرا لك عزيزي أحمد، ظللت أبحث عن تلك الطبعة فترة طويلة، ولم أجدها، شكرا على المشاركة القيمة