القوة التنفيذية

تُبهرني القوة واﻹمكانات الرهيبة التي يملكها الجهاز التنفيذي في أميركا. أي جهاز تحديداً؟ كل اﻷجهزة.. الحكومية، الثقافية، السينمائية، المالية والاقتصادية.

شخص مثل باراك أوباما، وغيره من أعضاء “المطبخ الاستراتيجي” في الولايات المتحدة، لا أظنهم يُفكرون “كيف سننفذ الأمر إذا ما اتفقنا عليه؟” بل ينحصر مجال تفكيرهم وتأملهم وبحثهم في: “ماذا نريد أن نفعل؟ كيف نحقق توافقاً حول هذا القرار؟ هل نختار الرؤية أ أو الرؤية ب؟” ولا يكترثون ب”كيف سنقوم بالتنفيذ؟”، ﻷنهم يعلمون بأن هناك خلفهم يقف أقوى جهاز بشري تنفيذي على وجه اﻷرض، ينتظر فقط القرار واﻷمر ليقوم بالتنفيذ .

كاتب الفيلم في هوليوود أيضاً، بعد أن وصل إبداعهم في الانتاج والتصوير واﻹخراج ما وصل إليه، لن يهتم كثيراً وهو يكتب فيلمه بإمكانية إخراج المشهد الذي يكتبه على الشاشة من عدمها، ﻷنه يعلم بأن فريقاً من المحترفين سيقومون بالمطلوب، بل ربما يُخرجونه أفضل من تصوّره وخياله !

لستُ شاذاً عن كثير من الناس، لا بُد أن تخطر على بالي مقارنتنا بهم..

نقف عاجزين أمام كثير من اﻷفكار دون تنفيذها، بل وعاجزين أمام كثير من المحن والمصائب، لماذا؟ ﻷننا مشغولون بالحديث حول الفكرة، والخطة الاستراتيجية، والرؤية، ومشغولون اليوم أكثر بانتقاد، وأحياناً محاربة، فكرة ورؤية اﻵخرين. طبعاً لا تشمل اﻵخرين هنا الصهيونية العالمية، أو غيرها ممن يتحدانا ليل نهار، بل تنحصر على القريب أو ابن العم أحياناً! أما العمل والتنفيذ، فهذا دونه إيمان وتعب وتضحيات.

معظم المشاريع الكبيرة في الخليج تقف خلفها عقول وخبرات ومهارات أجنبية، تأتي طبعاً بعد الرأس المال والقرار المحلي، ليست المشاريع العمرانية فقط، بل حتى أفكارنا ورؤانا، صار غيرنا يقوم بنشرها والترويج لها عبر شركات الدعاية والعلاقات العامة اﻷجنبية !

دوائر صناعة القرار في الخليج العربي مثلها في الولايات المتحدة، لا تفكر في “كيف؟” ففي النهاية ستقوم شركة أجنبية عريقة بالتنفيذ، طبعاً بعد أن يحصل بعضهم على نسبة “إقرار المناقصة” !

لا شك في أن هناك جوانب مضيئة، نتمنى أن تزداد يوماً بعد يوم..

وحتى لا أُحمّل الموضوع أكثر مما يحتمل، أردت فقط أن أقول بأننا انشغلنا كثيراً بالجانب النظري في كل شيء، وأهملنا الجانب العملي واﻹداري والتنفيذي، احسبوا تردد كلمات مثل “رؤية” “خطة استراتيجية” “أهداف” في خطبنا ومقالاتنا وأخبارنا وقارنوها بعدد المواضيع التي تتطرق ﻵليات التنفيذ ومدى الاهتمام بها وتفاعلنا معها..

الفكرة لن تُنفّذ نفسها، والرؤية لن يُحييها غير صاحبها.

نُشرت بواسطة

alharban

Bahraini guy, working at Al Jazeera Media Netowrkin Doha. Triathlete, 2 IM in pocket. Founder of @weallread.

تعليق واحد على “القوة التنفيذية”

  1. مقال جميع
    لا ننكر حاجتنا للخطط والافكار وغيرها من آليات عمل اي مشروع
    ولكن ليس بالاعتماد عليها وتلميعها وتحميلها على مواقعنا الالكترونيه بل بالاشراف عليها وتنفيذها كما ذكرت في مقالك
    تحياتي لك

اترك رد