قبل يومين قررت أن أمضي يومي دون تخطيط مسبق، أي لم أكتب لائحة صغيرة بالأمور التي أود إنجازها خلال اليوم، ولم أضعها في بالي حتى، وذلك لأن “القراده” كما نقول، كانت مسيطرة قبلها بيومين أو ثلاثة، فكل ما هممت بفعل شيء مخطط له يحدث أمر خارج عن إرادتي يمنعني ويضطرني لتأجيله.
ليس ذلك فقط، بل قررت أن أبعد عن بالي أي عمل مطلوب مني تسليمه أو الانتهاء منه قريباً، فأبعدت بذلك كل ضغط، وكل محاولة للانشغال بأمور صغيرة هنا وهناك لأشغل نفسي عن الواجب الذي ينتظرني. مرات كثيرة ننشغل بهروبنا وانشغالاتنا المصطنعة عن أداء الواجب أكثر من انشغالنا بالواجب نفسه، رغم أن هذا الواجب ربما يكون سهلاً تافهاً ولكن صفة “الوجوب” التي تحملها الكلمة أو دلالتها هي من تجعل الأمر على النفس ثقيلاً، حتى وإن كان مُحبباً.
ماذا حدث عندما قررت أن أطلق ليومي العنان يأخذني كيف يشاء؟
في العمل أنجزت الكثير من المهام برواقة بال، وبعده أخذت زوجتي لتسجل في دورة تدريبية للغة الانجليزية، قرأت جزءاً من القرآن وأنا أنتظرها تُكمل امتحان التقييم –وأنا المقصر في قراءة كتاب الله-، خرجت للتمرين وركبت الدراجة مسافة 60 كم –كنت لم أتمرن منذ حوالي 10 أيام!-، قرأت الكثير من الرسائل المُعلقة.
وكتبت بعدها تغريدة: اليوم بعد أن قررت أن لا أخطط لشيء وأن أجعله يسير كما يشتهي، أنجزت أموراً وقلبي مرتاح من أي ضغط 🙂 من يقول أن التخطيط الدائم ضروري لا تصدقه!
لا أقول بأن عدم التخطيط هو نمط حياة جيد، ولكني أقول بأن عدم التخطيط أحياناً سلوك صحي يجب ممارسته بين حين وآخر.
كم حدث أو فعالية لم تصل إلى نصف النجاح المخطط له وسببت بذلك إحباطاً وهماً، بينما نلاحظ كثيراً بأن العفوية والارتجال وراء سعادة طلعة ممتعة مع الأصدقاء، أو سفرة مفاجأة لم تكن على البال تشرح النفس وتجدد الهمّة.
العفوية قد تفتح لك أبواباً لم تفكر فيها أصلاً، لأنها لم تكن ضمن مخططاتك التي حشرت نفسك فيها.
كثيراً ما كانت العفوية هذه طاولةً في مقهى خارج المدينة جمعت حبيب بحبيبته لأول مرة !
ومع الاعتذار لصاحب البيت أقول:
أحياناً، دع المقادير تجري في أعنتها .. ولا تعيشنَّ إلا خالي البالِ
مقال من الواقع. هل فكرت ما سيحدث إذا خرجت من العمل مبكرا رسميا و ذهبت إلى جنة دلمون او أخذت زوجتك لغداء مبكر في ساتو أو استوقفت العمل لصلاة الضحى او للاتصال بصديق. الإحساس بعدم التقيد يبهج النفس و يزين الأشياء البسيطة لانها غير متوقعة. و لكن لابد من وضع الأهداف لانها تصلك إلى شيء. أما الحرية فهي للتنفيس و الاستدراك و إعادة الهمه لان العمل لا ينتهي.
المقال لطيف جدا .. والتخطيط الجيد هو سلوك اكثر مما هو افتعال ..