“الدوحة”.. في السفر والرياضة

بين يدي اﻵن مجلة الدوحة الثقافية، أهداني النسخة اﻷخيرة منها الصديق العزيز جاسم البوعينين بعد أن شكوت عبر تويتر عدم حصول عليها في أبرز المحﻻت هنا في الدوحة. رغم أني متابع غير جيد لهذه المجلة، ولكني أجزم بأنها من النوع الذي يجعل محب القراءة أن يلوم نفسه كلما رأى عدداً قديماً منها على أحد رفوفه ﻷنه لم يتم قراءته بعد. أحبها رغم تقصيري! وهي مجلةٌ تتنافس في كرمها مع مجلة دبي الثقافية فتُقدم مع كل عدد كتاباً جميﻻً هديةً لقُراءها.

image

عنوان ملف عددها اﻷخير (السفر، حكاية أكثر.. موت أقل) يحتوي على 16 مقالاً باﻹضافة إلى قصيدة مترجمة للكاتب جابرييل جارثيا ماركيز يقول فيها: (السفر أن تلبس كالمجنون، أن تقول “ﻻ يهمني”، أن ترغب في العودة)، ملف يجعلك تنظر للسفر من زاوية اخرى، أو تستشعره أكثر، حتى وإن كنت قليل السفر، وحتى لو كنت كثير السفر!

خﻻل الشهور الماضية أزعم أني سافرت كثيراً، فقد ذهبت لمصر وتونس بعد الثورتين، واﻷردن وفلسطين، وروسيا، باﻹضافة إلى زياراتي السريعة المعلنة وغير المعلنة إلى دبي! أما قضائي في البحرين خﻻل بعض نهايات اﻷسبوع، ورغم أنه بلدي، إﻻ أن فيه شيءٌ من السفر وما يرافقه عادةً من تعبٍ وسهر. وأشك بأن أسفاري اﻷخيرة هذه كانت السبب وراء تأخر حصولي على تأشيرة دخول الوﻻيات المتحدة مؤخراً !

السفر.. سأعيشه هذه المرة قراءةً مع هذا الملف الذي تُنبؤني مقدمته بأنه يستحق القراءة، أنقل لكم هنا بعض ما جاء فيها:

نسافر كي نعيش حيوات كثيرة في حياتنا الواحدة المحدودة. المأزوم في عيشه وكذلك المُستريح يعتقد أن الحياة الحقيقية في مكان آخر.

نسافر، كذلك، لكي نموت قليلاً. في السفر نصبح بعيدين عن حيواتنا الأصلية أي راحلين بمعنى ما فتتحقق للمسافر الراحة وبعدها بهجة العودة، العودة السريعة إلى الحياة. وبالمقابل ﻻ يستطيع الناس احتمال ثقل الموت إﻻ عندما يعتبرونه رحلة. الميت مجرد مسافر سيغيب كثيراً أو قليلاً حتى نلتقي به هناك.

ﻻ يوجد على سطح الكوكب إنسان غير مسكون بالسفر. من تعوزه حيلة اﻻنتقال في المكمان ينتقل بخياله, ومن يتوهم اكتمال سيطرته على المكان يتطلع إلى السفر في الزمن عبر الماضي والمستقبل، فاﻹنسان هو بحق: الطير المسافر!”

أما الموضوع اﻵخر الذي شدني في هذا العدد هو ملف آخر خاص بمناسبة الأولمبياد (اﻷولمبياد.. ما ﻻ تراه الكاميرا) الذي أحتوى على 7 مقالات، أهمها، بالنسبة لي على اﻷقل، مقالٌ مترجم لكاتبه روبير سوليه بعنوان (الياباني هاروكي موراكامي الكاتب الراكض)! وتكمن أهميته بالنسبة لي لﻷسباب التالية: أحب القراءة وللتو فقط عرفت أن الكاتب هاروكي الذي قرأت روايته الطويلة المثيرة للجدل (كافكا على الشاطئ) يحب الركض وكان له نشاط يومي (10 كيلومترات في اليوم، 6 أيام في اﻷسبوع) بات جزءاً ﻻ يتجزأ من حياته! وأنا شخصٌ يحب الركض أيضاً ويرى فيه متعة ونمط حياة. والسبب الثاني ﻷهمية هذا المقال هو أنه ينطلق  من رواية موراكامي الشهيرة (السيرة الذاتية لعداء المسافات الطويلة)! ولكم أن تتخيلوا كم أود أن أقتني هذه الرواية عاجﻻً غير آجل! فأنا أحب الركض، وأحب القراءة، وفوق هاتين المحبتين قد بدأت مؤخراً في كتابة شيئاً من يومياتي الرياضية.

من المقال:
“يتحدث الكاتب الياباني عن قدميه وعن بنطاله القصير وعن عرقه وعن كل عضلة من عضلاته ويقارنها (بالحيوانات التي تعمل بضمير) من دون أن تتذمر بل تكتفي (بإبداء استيائها أحياناً). فهي قادرة في الواقع على تقديم أفضل ما لديها ولو أننا نستطيع التحدث معها (وإنعاش ذاكرتها) و(إعﻻمها من الذي يعطي اﻷوامر). فإن تكاسلت قد تحلّ الكارثة. دفع شعور بالوحدة موراكامي إلى الكتابة وإلى الركض. إنه يحب المنافسة بما أنه يشارك في الماراثون (42 كيلومتراً) سنوياً ويشارك في المباراة الثلاثية -ربما يقصد الترايثلون، وهي اللعبة التي أهواها أيضاً!-. وأكد أنه لا يحرص على التغلّب على اﻵخرين بل على التغلّب على نفسه”.

يقول هاروكي موراكامي: (لو لم أقرر أن أركض مسافات طويلة لكانت الكتب التي وضعتها مختلفة جداً). كما يرغب في أن يُنقش على قبره العبارة التالية “كاتب و(عدّاء)”. والجدير ذكره أنه وضع الكلمة الثانية بين هﻻلين.

علّقت الزميلة لطيفة خليل، وهي إدارية نشطة في حملة كلنا نقرأ، على مدونتي الجديدة التي أكتب فيها عن تماريني الرياضية في رحلتي إلى سباق الرجل الحديدي Ironman: دعك من الكتابة في الرياضة وتفرغ لكتابة عمل أدبي نحفل به في حملتنا السنة القادمة. أقول بعد موضوع الكاتب الراكض: ما رأيك اﻵن يا لطيفة؟ 🙂

لست في مقام إستعراض كافة مواضيع المجلة، تطرقت إلى أبرزها بالنسبة لي لقربها من اهتماماتي. أما هدية هذا العدد فهي مختارات شعرية ونثرية لمحمود درويش بعنوان (ورد أكثر) أختارها وقدمها فيصل دراج، تقول آخر فقرة على الغلاف الخلفي للكتاب:
“هذا الكتاب الذي تهديه الدوحة لقراءئها في شهر رحيل درويش يضم مختارات من كتاباته شعراً ونثراً، ترصد تطوره الفني، منذ البدايات إلى ديوانه اﻷخير، وعﻻقته بتجربته الوطنية واﻹبداعية معاً. حدّد هذا القصد اختيار القصائد، دون النظر إلى طولها أو قصرها وأملى، في أحيان قليلة، اختيار أجزاء منها، سعياً وراء هدف وحيد: الوقوف على إبداع درويش في وجوهه المختلفة”.

آخر شيء أود إضافته هنا هو أن الموقع الالكتروني التجريبي للمجلة مفتوح، فيه أعداد المجلة وإهداءاتها -الكتب- بصيغة بي دي أف.

للذين قرروا أقتناء هذا العدد، أتمنى لكم قراءة ممتعة 🙂

نُشرت بواسطة

alharban

Bahraini guy, working at Al Jazeera Media Netowrkin Doha. Triathlete, 2 IM in pocket. Founder of @weallread.

تعليقان (2) على ““الدوحة”.. في السفر والرياضة”

  1. ههههه ومازلت أصر على رأي
    عمل أدبي بحت يخلو من الجري وأنواع الأحذية
    😀

  2. شعرفج عاد يا أم خليل..
    أنتي ما تحبين ولا تعرفين إلا صوت ماكينة الـ ATM !
    تصبحين على خير 🙂

اترك رد