ثورة “14 فبراير”.. لمصلحة من ؟؟

 لو أنني كنت مستشاراً "أمنياً" في البحرين، لأقترحت إيقاد شرارة ثورة أو عصيان !

في ظني، أن أكثر ما يُخشى منه اليوم في البحرين، هو أن يكسب التيار المعارض الشارع السني، أو على الأقل نسبة حرجة منه، وتُعاد صياغة المطالب الفئوية والطائفية الضيقة، إلى مطالب شعبية تشترك فيها جميع أطياف المجتمع، بسنته وشيعته، وأن يخرج الشباب السني خارج الصندوق، فيستمعون لغير منظّريهم ومشايخهم وشخصياتهم العامة، يجرّدون نظرتهم للأمور من غشاوة التدخل الإيراني، والتمويل الخارجي، وغيرها من التخويفات المعلبة الجاهزة، فيتخلون مع مرورو الوقت من الطاعة العمياء والولاء المطلق، إلى طاعة مع مساءلة، وولاء مع محاسبة. إنها كارثة الكوارث بالنسبة إلى البعض.

ما الطريقة إذاً لمنع هذا الإدراك وهذا الوعي من التكوّن، وهو أمر وارد جداً، خاصةً وأن الوعي هذه الأيام ينتشر في شعوب المنطقة انتشار النار في الهشيم بفعل ثورتي تونس ومصر؟

الجواب: أشعل فتيل أزمة.. والموجة الآن "ثورة" !

وبطبيعة الحال، في البحرين جزء من الشارع الشيعي وحده هو الذي سيلقط هذا الفتيل ويسكب عليه البنزين، إذ أن الوضع لم يصل بعد إلى توحّد أفراد الشعب في المطالبة حتى في الأمور التي يتشاركون فيها سويةً، فما بالك فيما يختلفون فيه, بل حتى المعارضة منقسمة على نفسها، وليست بتلك المعارضة الوطنية التي تضم كل أطياف المجتمع، إنها جسمٌ ضعيف، أرهِقهُ فيما لا يقوى عليه، وفي نفس الوقت -وهذا المراد أصلاً- أكسب الشارع الآخر لفترة زمنية أطول، أو على الأقل خلال هذه الفترة الحرجة التي تمر فيها المنطقة، وأمّن جانبه تمام الأمن، وأبعده عن موجة أفكار "تنويرية" عارمة تجتاح المنقطة !

أزرع فكرة تنظيم "ثورة"، وإذا كانت الدعوة قد غدت سهلة للشعوب من خلال الانترنت، فهي لأجهزة المخابرات أسهل، ليتبناها البعض، وينظّر لها الآخر، ويستجيب لها عدد من المغرر بهم. سيتحرك جزء من الشارع الشيعي، وعندها أستثر عواطف ومشاعر الشارع السني، ومرة أخرى: تدخل إيراني، إنقلاب شيعي، تمويل خارجي، حرق ممتلكات عامة، تخريب، إرهاب… إلى آخره، والشارع السني شارع عاطفي، سيغض الطرف حينها عن كل فساد أو عيب، وسينسى تقارير ديوان الرقابة، أو تقرير لجنة الممتلكات تلك، بل وسيتناسى حتى مستقبله، فلن يخطر على باله حينها موضوع بيت يأويه بعد زواجه، أو وظيفة يشغلها بعد تخرجه، وسيكون شغله الشاغل هو تجديد الولاء، والوقوف في وجه المخربين العابثين بالأمن !!

هذا تحليل، قد يكون بعيداً جداً عن الواقع، ولكن نتيجته ليست ببعيدة تماماً. ومن هنا أستغرب الدعوة للثورة في البحرين، وفعلاً تساءلت، في مصلحة من هذه الدعوة؟! فلم أرَ مصلحة متحققة إلا للنظام الذي تطالب هذه الدعوة برحيل بعض رموزه، ولم أرَ نتيجةً لهذه الدعوة وهذا التحرك، أوضح وأبيّن من تأخير تكوّن الوعي السني المطالب للحقوق المشروعة، الداعي لوقف الفساد !

لست هنا في صدد تقديم دروس سياسية، فأنا جاهل جداً جداً في السياسة، ولكن ما حصل في تونس، وما حصل في مصر، والنظر إلى طبيعة التحرك الشعبوي الشامل هناك، وردود فعل أنظمة المنطقة عامة، ودول الخليج خاصة، أكبر مؤشر على فشل تحرك من هذا القبيل إذا ما حصل في البحرين، بل وأكبر دليل على أثرها السلبي الذي سيطال بلا شك نتائج جهود المعارضة التي تحققت خلال الانتخابات الأخيرة في توعية الناس، وهذا ما جعلني أصل إلى التحليل الذي أوردته أعلاه، رغم قناعتي بأنه قد يكونُ بعيداً !

من دون أيّة محاباة، أتمنى من الجمعيات السياسية المعارضة في البحرين أن تعلن صراحةً أنها ليست وراء هذه الدعوة، لكي لا ينخدع بها الشباب، فالوضع غير الوضع، وتركيبة المجتمع غير التركيبة، وطبيعة علاقة الحاكم بالمحكوم غير الطبيعة، ونسبة المعارضة غير النسبة، وعددوا من الفروقات ما شئتم، قفوا في وجه هذه الدعوة "العبطية"، أحموا الشباب لا تتركوهم عرضة للتغرير بهم، لا تفجعوا قلوبنا بخراب مستقبلهم، فهم مواطنون وإخوة لنا، مهما أختلفنا معهم.. نتمنى لهم كل الخير.

إلى كل من عقد العزم على إجابة هذه الدعوة.. أرجوكم أقرأوا مقالتي هذه مرة ثانية، وإذا أردتم تغييراً حقيقياً على أرض الواقع، فادفعوا بالمعارضة، المشاركة خاصة منها في انتخابات مجلس النواب، لتكون معارضة وطنية حقيقية، تتبنى أطيافاً غير طيفها، وألواناً غير لونها، وقد كانت الفرصة سانحةً لها في الانتخابات الأخيرة، والتي قبلها أيضاً، ولكن العمى الطائفي والفئوي. أما عصيان في هذا الوضع وهذا التوقيت، فلا تتقبله عاطفة موالي، ولا يُقرُّه منطق معارض.

قد ترد تهمة هنا أن ما ذكرته هو على لسان غيري، أو أني بوق على هيئة قلم، ولكن والله لم يخرج هذا الكلام إلا من بنات أفكاري، هدى الله بنات أفكاري، ورزقهن الذرية الصالحة، آمين !

 

نُشرت بواسطة

alharban

Bahraini guy, working at Al Jazeera Media Netowrkin Doha. Triathlete, 2 IM in pocket. Founder of @weallread.

8 تعليقات على “ثورة “14 فبراير”.. لمصلحة من ؟؟”

  1. كلام منطقي واشكرك على المقال

    ولكني لااعتقد ان هناك من يستطيع ان يمنع الناس من التعبير بالوسائل السلمية عن مطالب مشروعة
    رغم انني لست مع خروج الناس الى الشارع حتى اللحظة لكنني في نفس الوقت لااتوقع من الجمعيات السياسية ان تكون ضد اي تحرك سلمي مشروع مهما كانت الظروف

    سلام

  2. الأخ الفاضل أحمد الحربان أرسلت لك رسالة على هاتفك ولم تصل إليك فأتمنى أن ترسل لي رقمك مُجددا على البريد الإلكتروني مشكوراً / أخوك محمد مسفر busaad_1@hotmail.com

  3. ربي يحفظ لنا البحرين واهلها
    ويديم عليها الأمن والامن تحت قيادة بوسلمان
    ويحفظ لنا كل دولنا الخليجية
    :
    أخوكم الاماراتي

اترك رد