"لقد شاركت بملء إرادتي وبحماسة في زوالي. كنت امرأة وقد طالب انتصار الثورة هذا بهزيمتي"، هذه أول عبارة أستوقفتني في كتاب (إيران تستيقظ – مذكرات الثورة والأمل)، للفائزة بجائزة نوبل للسلام، الحقوقية والمناضلة شيرين عبادي.
ربما لا يعد الكتاب مثالياً لمن يرغب في التعرف على الثورة الإيرانية بقيادة الخميني بصورة شبه شمولية، ولكنه يسلط الضوء على قضايا وزوايا هامة، لا أتوقع أن تجد مساحة كافية من الاهتمام في كتب سرد التجارب السياسية الأخرى.
تقول شيرين في مذكراتها: "أردت منذ زمن كتابة مذكراتي عن تلك الأعوام، أتحدث فيها من وجهة نظر امرأة تعرّضت للتهميش من قبل الثورة الإسلامية لكنها ظلت في إيران وحفرت لنفسها دوراً مهنياً وسياسياً في الحكم الديني الناشئ الذي يحظر ذلك. وإلى مسيرتي الشخصية، أردت تصوير كيف تتغير إيران، وهو تغيير يحل على الجمهورية الإسلامية بطرق بطيئة وماكرة ويمكن بسهولة عدم ملاحظتها".
في هذه المذكرات، تتضح للقارئ حقائق عدة، ومنها ما يجعله في حالة تأمّل وتفكّر، فعلى سبيل المثال؛ كيف يمكن لحكومة ثيوقراطية بوليسية أن تفرض واقعاً مؤلماً، وكيف يتقبل المواطنون هذا الواقع مع مرور الوقت ويتعايشون معه حتى يصبح جزءً من حياتهم اليومية المعتادة !
مرت الكاتبة على أحداث مهمة جداً في تاريخ الثورة الإيرانية مرور الكرام، وتمنيت لو أنها كتبت أكثر عن بعضها ولو في صفحات قليلة. وقد أشارت في خاتمة خاتمتها إلى ذلك: "ما رويته في هذا الكتاب هو حصيلة تذكّر شخصي لعدد كبير من الحالات والأحداث التي أثّرت في حياتي. وليست هذه مذكرات سياسية، ولم أحاول فيها تقديم تحليل سياسي لكيفية وقوع أحداث معينة أو لأسبابها. إن كثيراً من الحالات التي وصفتها تستحق معالجة أوسع بكثير مما حظيت به هنا، وآمل أن أتمكن من تخصيص كتب أخرى تتناولها من زاوية تحليلية أعمق".
ولكنني وجدت ضالتي في معرفة إجابات بعض الأسئلة التي قفزت إلى ذهني في كتاب (إيران الخفية) –ترجمة العبيكان-، لراي تقيه، وهو خبير بارز يوضح السبب وراء فشل الولايات المتحدة في فهم إيران ويقدم إستراتيجية جديدة لإعادة تعريف هذه العلاقة المهمة، كما هو مكتوب في غلاف الكتاب في نسخته العربية.
صدر الكتابان، إيران تستيقظ وإيران الخفية، باللغة الانجليزية في عام 2006 وتمت ترجمتهما ونشرهما باللغة العربية في 2010. أستغرب هذا التأخر في ترجمة هذين الكتابين، رغم أنهما يتناولان موضوعاً بالغ الأهمية، بالنسبة لنا نحن على الأقل، جيران هذه الجمهورية الكبيرة والغنية بتراثها وفكرها وثقفاتها وتجاربها، إضافة إلى حجم الإثارة في سياستها الخارجية ومدى خطورتها في نفس الوقت !
أعود للعبارة التي أخترتها عنواناً لمقالتي هذه "لقد شاركت بملء إرادتي وبحماسة في زوالي. كنت امرأة وقد طالب انتصار الثورة هذا بهزيمتي"، قلة هم الذين يعترفون بأنهم كانوا أداةً في مشروع سياسي لا ناقة لهم فيه ولا جمل، سوى المضي مع الركب يمنةً وشمالاً، دون التأكد من سلامة الطريق الذي يسيرون فيه، أو مجرد محاولة إثارة الأسئلة حول مدى صحته على الأقل، والأقل منهم أولئك الذين يكتشفون خطأ الطريق الذي هم عليه قبل فوات الأوان.
إثارة الأسئلة على الدوام، ومحاولة الحصول على إجابات أفضل، والحذر من الانسياق مع الجماعة تحت تأثير خدر "رأي الجماعة"، وعدم الاكتفاء بالآراء النمطية البسيطة، والتمحيص في مقاصد الشعارات المرفوعة، وقياس تطابق روح هذه المقاصد مع التطبيق على أرض الواقع، والنظر إلى الوضع الراهن وإعادة رسمه في الذهن بأوضاع أخرى متعددة، والانتباه لرسائل الوسائل الإعلامية، واستخلاص الخبر المجرد –وهو ما يهم المتلقي- من بين الآراء واللمز والهمز المعجونة معه، كل هذا وغيره هو ما نرغب أن يستحضره الشباب والشابات على الدوام في أذهانهم.
أثرت هذه النقطة في هذا الوقت بالذات، لحضور العقل الشبابي هذه الأيام أكثر من أي وقتٍ آخر حول المسائل السياسية، في ظل الأجواء الانتخابية التي تعيشها البلاد، وكلي أمل في أن يعيها كل من كان له قلب، أو يرفض أن يكون إمّعة.
لقد وفقت في اختيار هذين الكتابين لأنهم يتكلمون عن جارتنا الإسلامية المشاغبة سياسياً :).. وسألقي نظرة على هذين الكتابين عندما أجد الفرصة إن شاء الله.
وكلام جميل أخي أحمد، تمنيت أن تنشر هذا المقال قبل بداية انطلاق – الحملات الترويجية الانتخابية – المشكلة يا أخي إن أغلبية الناس أصبحوا يجرون ويلهثون وراء كلام وكلام بدون أي تحليل أو فهم القضية المعينه.. كل ذلك بسبب قلة الوعي الصحيح للعمليات السياسية.. مقال رائع ولك احترامي
الكتاب في مكتبتي ولكني لم ابدأ في قرائته ,,
واقول اقبلنه في الفيس بوك – لوعت جبدي تراك =P
سعود الصبحي
مساء الخير أحمد ..
قرأت مقالكـ على عجالة وها أنا أعود بتؤادة..
للأسف لم يسعفني انتقائي في الأيام السابقة لقراءة هذا الكتاب المثير للجدل كون الكثير من الصديقات تناقشن حوله والكثير من الأصدقاء أبدوا رغبة جامحة لتناول صفحاته..
أممم، من وجهة نظري المتواضعة، أرى أن منطق الاحتواء في التجربة العقلية يكون إما بـ الانتماء أو الولاء! أن تكون ضمن قبيلة أو مجتمع أو طائفة أو .. الخ يعني أنكـ داخلها، ربما ليس لإيمان منكـ ببروتوكولاتها وأيدلوجياتها وسلوكياتها، أو ليقينٍ منكـ بأن طائفتكـ التي تنتمي لها هي من ليست من جماعة ليس في الإمكان أبدع ماكان ولكن لتتخذ لكـ طوق نجاة، وتكون الطائفة عود القش الوحيد الذي يتعلق به غرقكـ !وقد يكون الانتماء في حالات كثيرة شكلياً أو حتى الولاء شكلياً! تكون أنيقاً وتبقى وسيماً طالما أنت موجود في كنفها و حمايتها.. وأن تكون خارج ذلكـ الطوق..
أممم ولكن لنا أن ندركـ أنه حين ينفق والد على ولده لأنه ينصاع إلى أوامره ويعتبر احترامه المقدس لسلطته يمنحه لقب الابن البار ومناقشته أو مجرد محاورته له يوهبه لقب الابن العاق فهذا استعباد أقرب منه لأبوة!وحين ينفق عليه لأنه ابنه بغض النظر عن أثاث عقله فهو يعطيه مصروفي لأبوته! وإحساسه بالأبوة حاجة معنوية لا يستطيع إنكارها كما هي حاجة ابنه لحنانه..
أتوقع في إيران ثمة جدلية كبيرة بين الفكر الفقهي والفكر الفكري! أرى أن الأول يفرض أوامر والثاني يطرح رؤى، الأول مقيّد بنص وولايته تكون ذات ثقل كبير–في إيران ، إذ يكون الفقيه هناكـ الحاكم في أمور الدين والفكر والعسكرية_،والثاني لا يربط فكره لا بعرقية، لا بمذهبية، لا بقبليّة أو سلالات ولا بتقسيمات جغرافية أو شرائح اجتماعية واقتصادية، ولا بالتنظيمات والمليشيات والأحزاب..
الدولة إذا ما اعتبرت بدروس التاريخ سترى ملامحها بوضوح في المرآة! ستتمكن من ترجمة حاضرها وتستلهم مستقبلها، تحذر من الوقوع في المزالق.. متى ما استفدنا من تاريخنا واتضحت رؤيتنا لن نقفز فوق جيد الزمن ببهلوانية،ويجب الالتفات إلى الاستلاب والقهر والمطاردة أنفاس دقائقها قصيرة مؤلمة وطويلة التأثير! والزهور الشيطانية التي لا تكتشفها الكلاب البوليسية أيضاً غزيرة التأثير! كلتاهما وسيلة من وسائل العهر السياسي ولكن في وضح النهار! ووسيلة أيضاً لشنق التاريخ في النهار التالي!
دائما يستهويني اي شيء فيه ايران.. لا ادري هل هوا بسبب الجينات الوراثيه ام هل هي حقاً ممتعه وغامضه..
كتابين تحمس على القرأة واثراء ثقافتي البسيطه في السياسه 🙂