إذا أردت أن تعرف شيئاً عن الاستغلال السياسي للحصول على مكاسب اقتصادية، والاستغلال الاقتصادي للحصول على مكاسب سياسية، وعن طرق ذلك، فَتَعَرَّف على (كارلايل).
وإذا أردت أن تفهم الأسباب وراء عدد لا بأس به من القرارات السياسية، أو الاقتصادية، فاطَّلع على (كارلايل) كمثال جيد جدير بالدراسة.
وإذا أردت أن تعي ما يمكن أن يدركه السياسيون والاقتصاديون، اذا التقوا، مستغلين بعضهم بعضا، أو بعبارة أصح، متقاسمين مصالحهم بكفاءة، فـ (كارلايل) ربما تكون النموذج الأمثل على ذلك.
مع تحفظي على التفريق بين مصالح رجالة السياسة ورجال الاقتصاد،
خاصة في عالم اليوم، وأكثر خصوصية في النظم الديموقراطية الغربية.

ولا أظنك ستتعرف على كل ذلك بعيداً عن كتاب الصحفي والكاتب المرموق (فرانسوا ميسان)، والذي يحمل عنوان (شبكة كارلايل.. ممول الحروب الأمريكية). ولإعطاء لمحة عن ما اتحدث عنه هنا، أنقل من الكتاب :
“ينتسب كل من (ستيفن نوريس) و(ديفد روبنشتاين) و(دان دانييللو) و(ويليام كونواي) إلى تلك الطبقة الأنيقة والمحببة التي كثيراً ما تعوَّد رجال (“كارلايل) –وهنا يقصد الفندق الفخم بنيويورك حيث يلتقي علية القوم لا الشركة- وموظفوها على التعامل معها. اعتاد الجميع، وكل من موقع اختصاصه، على إبداء مهارة فائقة في مجال الكسب وتنمية حساباته المصرفية من ناحية، ثم كسب ود واهتمام أصحاب القرار في عالمنا الحالي. لقد أشعلت نجاحاتهم الشخصية، السريعة والمتتالية في عقد الصفقات المربحة، نار جشعهم إلى درجة أن قرر الأربعة توحيد كفاءاتهم ودفاتير عناوين زبائنهم لخلق أحسن ظروف النجاح … اتخذوا من اسم ذلك الفندق المهيب، في صيف 1987، اختاروا لمجموعتهم المالية اسم (كارلايل)!”.”
“ما إن مرت سنة على ذلك الحدث حتى أصبحت مجموعة الاستثمار الصغيرة تحتل مكانتها بين المؤسسات الخمس الأولى في عالم المال والاستثمار بنيويورك. خاصة وأن هذه الشركة الوليدة لا تعرف حداً، لا في كمية ولا في طبيعة ما تبيعه: من الدبابة إلى الشقة السكنية الفخمة، ومن شبكات الهاتف إلى خطوط أنابيب النفط الخام … وبقدر تنوع مبيعاتها تنوع زبائنها: من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إلى المملكة العربية السعودية، إلى كوريا الجنوبية. لا نبالغ في شيء إذا قلنا إنها اليوم تحتل مركز القرار السياسي للولايات المتحدة الأمريكية”.
ثم يبين الكاتب كثيراً من الخيوط المتشابكة التي وضحت له من خلال دراسته لهذه الشركة، وأسهب في كشف غموض طريقة عملها، غير الأخلاقي في كثير من الأحيان إن لم يكن في كلها، وتطلعاتها في نصيب اقتصاد عدد من الدول، ومواطئ قدمها في أوروبا، وضلوعها في شركات المرتزقة، التي توفر (وحوشاً) لخوض الحروب، والتي أصبح عملها رسمياً لا غبار عليه قانونياً! وعلاقاتها مع أصحاب رؤوس الأموال أمثال (عائلة بن لان)، ودورها في مساعدة جورج بوش الابن للوصول إلى سدة الحكم، وغيرها الكثير الكثير من الخبايا.
بطبيعة الحال، تحرص (كارلايل) على اقتناص الأشخاص النافذين أصحاب العلاقات الواسعة والمؤثرة ليحتلوا مراكز متقدمة في هذه الشركة، لا سيما متقاعدوا السلك الدبلوماسي أو العسكري أو الاستخباراتي، أمثال (فرانك كارلوتشي)، و(جورج بوش) الأب، الذي صار فيما بعد أبرز رجال التسويق لهذه الشركة العملاقة !
لن أطيل الحديث في التفاصيل، وإلا لأكثرت النقل من الكتاب الجدير بالاطلاع، وحسبي أن أحيلكم إلى عدد من المقالات في نهاية المقال، وتقتصر إضافتي في إثارة هذه التساؤلات:
هل هناك من أصحاب رؤوس الأموال والأثريا المسلمين، عرباً أو غيرهم، من يستفيد من تجربة هذه الشركة في بناء التحالفات العابرة للقارات، ويستغلها أمثل استغلال لتغيير جزء من واقعنا المزري، خاصة مع تحول رؤوس الأموال إلى المنطقة بعد 11 سبتمبر ؟!
هل تمثل (كارلايل) دليلاً صارخاً على فساد النظام الديمقراطي في الإمبراطورية الأمريكية ؟!
أم إنها دليل واضح على نجاح هذا النظام الذي وَفَّرَ لهذه الشركة وأمثالها البيئة المناسبة، ومكّنها من السيطرة على أغلب القرارات السياسية والاقتصادية التي تضمن تقدم أمريكا على بقية الدول بطريقة غير الحكومية، طريقة القطاع الخاص والرأسمالية، في عالم الرأسمالية ؟!
(كارلايل).. شركة ولدت من رحم حكومة منتخبة ديموقراطياً، وأصبحت تؤثر تأثيراً قوياً جداً في اختيار أمها –الحكومة- القادمة، كتأثيرها في قراراتها السياسية، لجني الأرباح بأسرع الطرق، حتى وإن كانت تفضي إلى التشجيع على شن الحروب وزهق الأرواح، لجني أرباح بيع المزيد من السلاح !
مسألة جديرة بأن تقض مضاجع المفكرين ذوو النوايا الحسنة في الولايات المتحدة، كان الله في عونهم، وعوننا نحن الذين فقدنا حتى مضاجعنا لتتعرض لشيء من “القضقضه” !
بعض المقالات ذات الصلة :
خبر حديث عن نشاط الشركة :
ما شاءالله ..
أبدعت في التعريف بالكتاب وإن صح القول بالشبكة المقصودة ..
وبشأن تساؤلك عن أصحاب رؤوس الأموال المسلمين .. فاكتفي بالقول ان عيبنا هو ترك عقولنا مفتوحة باسم حرية الاستخدام والاستغلال من دون حصرها بـ (باسورد) يفي بغرض حمايتها وبذلك تدخل الـ (فايروسات) معمرة ومدمرة ..
بصريح العبارة .. إننا نرى ما يعجبنا ونكتفي بالمشاهدة واستغراق أسابيع طويلة استمتاعاً بتلك المناظر .. دون محاولة تحقيق أو إنجاز جزء منها أو على الأقل معرفة كيفية حدوثها و (تكتيكاتها) ..
ومن جانب آخر .. ما لا يعجبنا نتذمر منه دون محاولة إصلاح الجزء الغير مرغوب به أو إنتزاعه .. وبذلك نخسر الكثير من الفرص في ظل تواجد ملايين منها ..
نحن من يعرف بأصحاب القول بلا عمل (طبعاً لا يحق لي تعميم هذا الشيء) .. وأمتنا صعب أن تتوحد وتلفظ كلمة بلسان واحد .. كلٍ يسير نحو مصالحه الشخصية غافلين عن نتائج أفعالهم السلبية والتي تتسبب بضياع الأمة الإسلامية والعربية منها .. ومن ثم ضياع الأفراد واحداً تلو الآخر من دون علم بأنهم المسبب الحقيقي لضياعهم الشخصي ..
لا أريد الإطالة أكثر عزيزي .. ولا أريد الخروج عن الموضوع ..
ولكن أحببت أن أسجل إعجابي بكتاباتك الشخصية .. متمنية لك دوام التوفيق في شتى المجالات 🙂
قلت: “(كارلايل).. شركة ولدت من رحم حكومة منتخبة ديموقراطيا”،
وسؤالي: “من والدها؟”
والدها هو عائلة بن لادن اي انها تمتلك اجثرية الاسهم
تحاياي للمسلم المتفرعن ال لادن العروبي – الماسوني
(( نور بوعلي ))أختي العزيزة نور ..شكراً على مرورك وعلى إضافتك الحلوة ..لا تحرمينا مثل هذي الإضافات في تعليقات قادمة :)(( راشد الغائب ))اهني ي ي ي السؤااااال !!ههههههههههاترك الاجابة لك ولخيالاتك التي لا تعرف حدوداً (اشله.. أحلام جيفارا !)خخخخ :)(( noeel eesa ))معلومة أن عائلة ابن لادن تمتلك أكثرية الأسهم لا أدري من أين جئت بها..ولكن تأكد يا عزيزي أن “الكاوبويز” ليسوا من الغباء بمكان ليمكّنوا غيرهم من امتلاك اكثرية الأسهم :)أما وصفك للبعض بالماسونية ..فهذا كسابق ما اوردته من معلومة.. كلام ينقصه كثيراً ما يثبت صحتهشكراً لمرورك 🙂