التعيينات في الجامعة

120654أشارت الأستاذة طفلة الخليفة في عمودها المنشور يوم الأربعاء الموافق 26 مارس 2008 بعنوان (جامعة) إلى أمر هام جداً، وهو وصول "مسخرة" التعيينات الإدارية إلى جامعة البحرين، ولا نقول مسخرة التعيينات في البلاد عموماً، فإنها غدت سمة طبيعية من سمات سياستنا الداخلية.
الأبعاد الجديدة في موضوع التعيينات وأثر المحاصصة الحزبية عليها هو استفحال الأمر داخل الجامعة، القلعة التي من المفترض أن تكون الأخيرة في السقوط أمام هذا النهج المدمر !
أنا لا أتكلم هنا عن المحاصصة الطائفية، فتلك محاصصة قديمة النوع، اليوم تطورنا وانتقلنا إلى المحاصصة الحزبية. فمن شاء منكم أن يخدم بلده من موقع يرى نفسه، بما يملك من علم وخبرة، الأكثر استحقاقاً له، يحلَم.. ما دامت سلعته مجرد حب وطنه، ولا ينتمي لحزب سياسي معين! ولا أقول طائفة، بل حزب سياسي.
لا نظلم الجامعة هنا، ولنعترف بإيجابية سيطرة هذه المحاصصات على توزيع المقاعد الإدارية العليا فيها، وهي أن الجامعة تقوم، بدون قصد طبعاً، بدورها في تعليم الطلبة وتثقيفهم في هذا الموضوع الهام، فهي تقول للطلبة بأسلوب عملي متميز، يفوق في تميزه أساليب تعليم المناهج الدراسية نفسها: أيها الطالب المسكين، عليك أن تنتمي إلى حزب سياسي، وتقدم الغالي والنفيس من عمرك لبناء الحزب الذي تختاره، ويكون ولائك الأول والأخير له ولقيادته لا لوطنك، لأن حزبك في المستقبل القريب هو الكفيل ليوفر لك وظيفة مرموقة تحلم بها، ولا يغيب عن علمك أنه كلما كان ولائك للحزب أشد، كلما كنت أكثر قرباً من أرباب الحزب، وبالتالي تتضاعف فرصة حصولك على مركز في المستقبل، وطبعاً لتخدم به حزبك لا وطنك، ولا عليك من الكلام الفارغ عن الوطنية، فهذه هي الوطنية الحديثة !
وقد، نقول قد، يحالفك الحظ، فتكون من طائفة معينة، ولا يمنعك ذلك عن ولائك الصادق المعلن، فتحصل على منصب لا بأس به، فربما مثلاً تصبح وزير التصنيع العالي يوماً ما ! حتى لو أنك لا تعرف كيف تخاطب من أمامك ! وليذهب التصنيع العالي في ستين "داهية"، وليلحقه مستقبل التصنيع العالي !
لماذا يغيب نوابنا الكرام، الإسلاميين وغير الإسلاميين عن هذه المسألة؟! الله أعلم! وربما أنا أعلم! وغيري كثير أيضاً يعلم !
هل يدرك من يضع تشكيلة الفريق الوطني في البلاد، ويوزع المسئوليات هنا وهناك، باعتماد خطة إرضاء هذا الحزب في هذا الموقع، وذاك في الموقع الآخر، وإهمال الكفاءات وغض الطرف عنها، هل يدرك خطورة هذه الخطة، وانعكاساتها الخطيرة على ولاء أبناء الوطن لوطنهم، وعلى بطئ سير عجلة التطوير والتنمية عموماً، بل وعلى مكانته أيضاً ؟!
***
في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: بينما النبي- صلى الله عليه وسلم- في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: (أين أراه السائل عن الساعة؟) قال: ها أنا يارسول الله! قال: (فإذا ضُيِّعت الامانة فانتظر الساعة) قال: كيف إضاعتها؟ قال: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).

نُشرت بواسطة

alharban

Bahraini guy, working at Al Jazeera Media Netowrkin Doha. Triathlete, 2 IM in pocket. Founder of @weallread.

5 تعليقات على “التعيينات في الجامعة”

  1. أخي أحمد

    لم أعلم بوجود أحزاب في البحرين على الرغم من أنني من متابعي الوضع السياسي إلا عن طريقك الآن .

    فما هي الأحزاب الموجودة ؟؟؟

    الرجاء تسمية الأسماء بمسمياتها

    ……………………….

    كنت معاك أخوي أحمد في ( الفود كورت ) بجامعة البحرين يوم أمس , يوم تغدينا مع بعض , وكلمتني انت عن هالموضوع . وأنا أعرف السبب اللي خلاك تكتب هالموضوع على الرغم من أنك لم تشر إليه في المقال أبدا , وهذا من حقك

    ولكن

    لا أعتقد أن لمقال الأستاذة طفلة الخليفة أي علاقة بالموضوع

    أتمنى أن تبتعد عن (العاطفة) في مقالاتك

    تحياتي

  2. عزيزي بوخليل..

    كلمة “احزاب” ما قصدت بها احزاب كأحزاب معلن عنها وجذي..
    لأن اصلا ما في قانون ينظم عملها !
    ومنك مستفيد عزيزي في هالسوالف.. يا رب تطلع قانوني مثل أبوك 🙂

    ولكن قصدت الجماعات الي تشتغل كـ “أحزاب” لا تختلف عنها كثيراً.. هذا إذا اختلفت عنها في شيء أصلاً..

    وطبعا هذا لا ينطبق على كل الجماعات السياسية الموجودة

  3. ذات مرة كنت في مكتب احد دكاترة القانون الدستوري في الكلية وهو الاستاذ الدكتور (( ابراهيم شيحا )) وكنت اناقش معه احدى المواضيع المتعلقة بالاحزاب واثناء نقاشي معه ضربت له مثالا في مملكة البحرين مدعما النقطة التي اتناقش معه فيها وكنت اردد كلمة الحزب الفلاني والحزب الفلاني فاوقفني … وقال لي من قال لك انه يوجد في مملكتكم حزب سياسي واحد فقلت له ماذا تسمي اذا ما هو موجود على الساحة السياسية في المجتمع فقال لي ماهو موجود عندكم هو جمعيات سياسية ولا يرقى لان يكون حزب سياسي فقلت له انها مجرد اختلاف تسميات ولكن العمل واحد في جوهره فابتسم قليلا وقال الحزب عادة ماتكون له افاق واهداف كثيرة احيانا تصل الى الوصول الى الحكم او الى رئاسة الوزارة والحزب عادة يكون له تنظيم ذو ابعاد وايدلوجية معينة يتبناها وانهى كلامه باختصار وقال لي يطول الحديث عن هذا الموضوع ولكن في مملكتكم لا تستطيع استخدام مصطلح الحزب لان دستوركم اصلا لم يوردها فيه ولم يضع له تنظيم معين.

    ……..

    عزيزي احمد مسالة المحاصصة في المناصب اتفق معك انها تقتل الكفاءات وتكسحها بحيث اصبح الوضع احيانا يجبرنا لا ن نكون منتمين الى او محسوبين على حهة معينة لكي ننال الوظيفة الفلانية .

    يكاد يتفق فقه القانون الدستوري والنظم السياسية :

    اذا اردت ان تحافظ على التوازن السياسي في دولة ما فيجب توزيع المناصب في الدولة على اساس القوى السياسية في الدولة .

    هذا هو الواقع وانا غير مؤيد لهذا المنطق ولكنها السياسة .

  4. يكاد يتفق فقه القانون الدستوري والنظم السياسية :

    اذا اردت ان تحافظ على التوازن السياسي في دولة ما فيجب توزيع المناصب في الدولة على اساس القوى السياسية في الدولة .

    هذا هو الواقع وانا غير مؤيد لهذا المنطق ولكنها السياسة .

    مداخلتك رياض أثرت الموضوع وايد..

    مشكور وما قصرت 🙂

  5. “”الوطنية الحديثة””

    اليست اخي احمد هذه السياسة المتبعه حاليا في كل الانظمة العربية
    اليس من الاجدر ان نتحلى بهذه الوطنية الحديثة لنصنع التغيير ولو كان تحت غطاء الوطنية الحديثة لاننا ان رفضناها الان فلن تستطيع صنع او تغيير اي شي وانت في وضعك الحالي في الوقت الراهن “خارج دائرة الوطنية الحديثة”…

    “”اذا اردت ان تحافظ على التوازن السياسي في دولة ما فيجب توزيع المناصب في الدولة على اساس القوى السياسية في الدولة””
    ليس فقط على اساس القوى السياسية فعندما تكون البلاد مترامية الاطراف والكل يريد ان يأكل من الكعكة فلا بد ان نضيف اساس المناطق وهذا بعينة يثير الفوضى اكثر من الاول

    ولي معك في الموضوع بقية
    سلام

اترك رد