تسييس العمل الطلابي

في ذكرى يوم الطالب البحريني، 25 فبراير الماضي، أقامت وحدة طلبة البحرين – عمّان ورشة حوارية حول معوقات العمل الطلابي في جمعية الأطباء البحرينية، وقد تضمنت الورشة المحاور التالية: تعريف العمل الطلابي وتحديد مجالاته، معوقات العمل الطلابي: الأسباب والظروف، معوقات العمل الطلابي: المعالجات والحلول. وما آسفني حقيقة هو الحضور أكثر من المتواضع الذي حضر الورشة، ربما تكون الأسباب تنظيمية، أرجو أن تكون كذلك، ولا تكون فتوراً قاتلاً إلى هذا الحد من قبل الطلبة.
وقد طلب مني الأخوة المنظمون أن أدير المحور الثاني من الورشة، المتعلق بلب الموضوع "معوقات العمل الطلابي". وقد أسفرت الورشة رغم قلة الحضور الخروج ببعض النقاط والتوصيات الرائعة حقاً، فإنها كانت توصيات واقعية تماماً، وتنم عن معرفة ودراية تامة بطبيعة العمل الطلابي ومعوقاته.
وكان (تسييس العمل الطلابي) من ضمن أكثر النقاط التي أخذت حيزاً واسعاً من المناقشة والطرح، فطرحت سؤالاً هاماً، في وجهة نظري على الأقل، للحضور: أنتم ترفضون تسييس العمل الطلابي، وفي نفس الوقت تطالبون باتحاد طلابي! الاتحاد يسأل عن فائض البترول، ويتبنى مواقف خارج النطاق التعليمي، بل خارج نطاق الوطن أحياناً، فكيف توفقون بين الأثنين؟! أكملت دون انتظار الرد: هل ستطالبون باتحاد طلابي بحيث ينص قانونه على تقييد عمله في النطاق التعليمي والعمل الطلابي فقط ولا يسمح له بالعمل خارج هذا النطاق؟ هذه المطالبة يتفق عليها الجميع في ظني، كلنا نود أن يكون هناك اتحاد طلابي، خاصة مع ازدياد الجامعات الخاصة في البحرين. فخرج الحضور بهذه القناعة (اتحاد طلابي بعيد عن السياسة) !
قد يقال أن الكلام في ميزانية التعليم سياسة، ولا يمكن فصل الاتحاد عن الحراك السياسي أبداً، إلا أننا خرجنا في الورشة بأن أي شيء يمس المسيرة التعليمية للطالب، ومنها الميزانية وغيرها، فإنها داخلة في نطاق عمل الاتحاد وأهدافه، الاتحاد الذي قد يطالب به مطالب في الأيام القادمة.
بيّن حبيب المرزوق رئيس مجلس طلبة جامعة البحرين، أن هناك تحركاً من قبل شباب الوفاق لإعادة إحياء المطالبة بالاتحاد، وتحفَظَ المرزوق عن التصريح بأي تفصيل عن هذا التحرك وطبيعته.
***
       في اليوم الثاني من البرنامج، 29 من الشهر نفسه، تم تكريم رواد العمل الطلابي، وقد حضر حفل التكريم عدد من الأعضاء المؤسسون للاتحاد الوطني لطلبة البحرين، وألقى كل من الأستاذ إبراهيم كمال الدين، والأستاذ فؤاد سيادي كلمة بالمناسبة، كانت كلمتهم موجزة ومنسقة إلى حد كبير. نقطة مشتركة وهامة في كلمتي الأستاذين الموجزتين:الوضع تغير عن السابق.. الآن هناك جمعيات سياسية تعمل في العلن.. لا داعي اليوم لزج السياسة في العمل الطلابي. وكلمة قالها سيادي أعجبتني حقيقة: (تمردوا على قياداتكم السياسية.. وأنا منهم..) في إشارة منه إلى ضرورة إدراك تغير المرحلة، والابتعاد عن طبيعة تحركات الماضي، فنحن نعيش في ظل انفتاح، وجمعيات سياسية، يمكن للطالب أن يمارس ويتبنى مواقفه السياسية فيها، وأن يكون نشط في فعالياتها، وليس بالضرورة زج ذلك بالعمل الطلابي.
       تلتهما كلمة لرئيس مجلس طلبة جامعة البحرين، الأخ العزيز حبيب المرزوق، وازداد حماس الإلقاء شيئاً فشيئاً كلما انتهى حبيب من فقرة ودخل في أخرى، فجاء في كلمته، ولا أخطئ إن قلت خطبته: "ولماذا كلما تكلم الطلبة فيحرم عليهم مناقشة القضايا السياسية والاقتصادية بدعاوى تسيس القضايا الشبابية، اليس الشباب هو مستقبل هذه البلد ومفرزة قيادات هذه البلد وكل ما يدار في هذا البلد لواقع الشباب ومستقبلهم! خطأ استراتيجي أن يقال أن القضايا الاقتصادية والسياسية لا تهمنا ولا تعنينا ، نحن الشباب، اذا من تعني، الاطفال أم الكهول؟.."
تهمنا وتعنينا ونص أخي وعزيزي حبيب، ولكن لا تعني العمل الطلابي، على الأقل في هذه المرحلة. كانت تعنيه سابقاً في غياب العمل السياسي العلني، وغياب الجمعيات السياسية، أما الآن فلماذا؟! خاصة وأنه غير متاح. وها أنت بجمعية الوفاق، وفي نفس الوقت رئيساً لمجلس الطلبة، ولم تزج، مشكوراً، مواقف جمعيتك السياسية في عملك الطلابي، وهذا ببساطة ما نعنيه، وما نطالب به.
يواصل حبيب في كلمته، وهنا بيت القصيد: "فجاء ما وثق في تقرير البندر ليكشف ما يدبرلإقصاء الشباب وتدميرهم، وحُرمنا من التطرق إليه ومناقشته وفضحه، وزادت وتيرة التمييز وانتشرت سياسة الإقصاء في الوظائف التي طالما حلمنا في شغرها بعد طول المسيرة الدارسية في حياتنا، ولم نتحرك، ألم يأخذ التجنيس الذي قصم ظهورنا، فرصنا التعليمية بالإضافة إلى فرصنا في التوظيف والسكن … فإلى متى ونحن نطالب بصغائر الامور ونترك كبائرها دون اهتمام أو تحرك، صحيح أن بعض مطالبنا هي مهمة ولكننا تركنا الأهم" !!
ويواصل: "ولعله من حسن الحظ أن ذكرى يوم الطالب البحريني كان في الأيام التي نتذكر فيها ملحمة الطف التي رسمت لكل الإنسانية مسيرة الحياة وكانت لنا نهر الإباء الذي نشرب منه كلما أصابنا الجفاف والجفاء. ولعل أهم ما يذكرنا في تلك الملحمة، هم شباب كربلاء وقادتهم علي ابن الحسين، والقاسم ابن الحسن، الذين رسموا لنا أجمل صور التضحية والإباء، ووقفوا في وجه الظلم والظالم، وهم في مستهل حياتهم قدموا دمائهم وأرواحهم فداء للإسلام وللدين، ولم يتردد في في أذهانهم ولو لبرهة من الزمن أنها قضية يتحملها الكبار فقط" !
هنا، وهنا فقط، علَّقَ الأستاذ محمود حافظ هامساً في أذني: "كان كلامه زين بس الحين اخترب"! فرسم ابتسامة على وجهي، وكأن الكلام السابق كان في محله.
وختم حبيب كلمته: "أتمنى من عميق قلبي أن يكون حال الطالب البحريني في العام القادم أفضل من هذا الحال، وأن يكون احتفالنا بمرور عام على تأسيس اتحاد طلبة البحرين". ونحن والله نتمنى ذلك، ولكن ما جاء في كلمتك بخَّر كل ما خرجنا به في ورشتنا الحوارية! وإني أؤكد للأخوة في الوفاق، بعد الحوار الذي دار مع عدد من القيادات الطلابية بعد هذه الكلمة، أنهم لن يجدوا الدعم المطلوب للمطالبة بالاتحاد حتى من أقرب الناس لهم، إلى أن يفهموا جيداً أن لكل مرحلة تحركاً يناسبها.
آسفني كثيراً ما جاء في الكلمة، لأنه يدل على شيء لا غير، أن حلمنا بتأسيس اتحاد سيطول أكثر وأكثر، لأننا نحن، أو بعضنا، لا يريد أن يفيق من نومه، ولن يدرك فن المطالبة بهذا الاتحاد.
 

نُشرت بواسطة

alharban

Bahraini guy, working at Al Jazeera Media Netowrkin Doha. Triathlete, 2 IM in pocket. Founder of @weallread.

4 تعليقات على “تسييس العمل الطلابي”

  1. كلنا كتيار طلابي يحلم بان يكون هناك اتحاد طلبة بحريني وان يكون هناك عزل او فصل كلي بين السياسة والحرك الطلابي وان يكون هناك فكر طلابي حر ولكن الواقع يختلف جدا عن الحلم بحيث يكاد يصبح الحلم مستحيل التحقيق .برأيي ان المرحلة الحالية لا تستحمل وجود اتحاد طلبة بحريني ولو اردنا نحن كطلبة السعي الى تأسيس اتحاد فيجب ان يكون هناك تعاون بين كافة تيارات الطلبة الموجودة على الساحة .اعجبتني اخر جملة من مقالك (( فن المطالبة بهذا الاتحاد ))جميل جدا ما كتبت اخوي احمد وعساك على القوة

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

    أنا أوافق الأخ حبي مروزق في شي واحد ..
    وهو أمنيته ( بأن يكون حال الطالب البحريني العام المقبل أفضل ) 🙂

    أحسنت الطرح أخي الفاضل 🙂
    ومقال موفق جدا

  3. الأخ العزيز أحمد الحربان
    لم أكن الوحيد في القاعة في ذالك اليوم عندما كان يتحدث السيد حبيب المرزوق للحضور بكلمته التي جذبت الجميع من حيث الألقاء والحماسة فيه.
    أن حرصنا في إيجاد ممثل حقيقي ومستقل وحر لأرادة الطلبة هو طموح كان ولايزال يراود الطلبة، ولكن الظروف التي نعيشها الآن لا أعتقد أنها مناسبة لتأسيس هذا الأتحاد.
    أن إستيعاب العبرة من الأتحاد الوطني لطلبة البحرين لم أراها في كلمة السيد حبيب المرزوق وإنما رأيتها في كلمة كبار مسؤولي الأتحاد السابق ، إبراهيم كمال الدين وفؤاد سيادي.
    بسيطة هي المعادلة، كلما زاد أنصارك من خارج الدائرة كلما كانت قوتك أكبر، هذا ما يريده البعض، ان تكون لهم قوة داخل الأتحادات والمؤسسات والهيئات وجميع ذلك بدعوى العمل الوطني، وليس بدعوى التسيس ولكنه في الواقع هو التسيس

    تحياتي الحارة
    محمد الغائب

  4. شكراً أخوي رياض على متابعتك المستمرة 🙂

    أم عبدالرحمن..
    شكراً على المداخلة 🙂

    عزيزي محمد الغائب..
    كلماتك إضافة وتأكيد لما ذهبت إليه مقالي
    مشكور وما قصرت لبيان وجهة نظرك في الموضوع

اترك رد