ليست مجرد تجربة (2)

التغييـر

التغيير، علم وفن أُلِفَت فيه الكتب ونُظِمَت لأجله الملتقيات والمؤتمرات، وقُدِمَت لتناول موضوعاته المتشعبة المحاضرات والندوات، فله أهداف وأسس وأساليب وأنواع وصعوبات، وغيرها من مصطلحات تجدونها مصفوفة في كتب الإدارة، ولم تكن مصفوفة في عقلي حينما كان هَمُّ التغيير يشغلني شغلاً عجيباً حتى بات يسرق ساعات طويلة من نومي الهادئ!

كان تغيير واقع العمل الطلابي يشغلني كثيراً، فكنت أرى بأن حصة الاستفادة منه ينبغي أن تكون أكبر بكثير مما كانت عليه، وفي الحقيقة لم يكن تغيير حصة الاستفادة حينها هي الدافع الأول، كان هناك دافعاً أقوى، تغيير التمثيل الطلابي! لا أعني تغييره من ألفه إلى ياءه إنما إضافة تمثيل كنت أراه غائباً، وليس مغيباً، لأن أصحابه هم الغائبون بمحض إرادتهم، وبعبارة توضح شيئاً من السبب، بمحض تفكيرهم وأفكارهم!

هل أنا بحاجة لأعرفهم بـ"المتدينين" الذين تسميهم صحافتنا اليوم بالإسلاميين؟! بالمناسبة، أكره هذه التسمية لأنها توحي بأن باقي أفراد المجتمع غير إسلاميين! ويصعب حينها التعامل بين أفراد المجتمع نظراً لصعوبة التفريق بين الإسلامي وغيره، المصطلح الذي يفسره كلٌ حسب ما تقتضيه المصلحة، الخاصة طبعاً، فهناك من يرى الإسلامي هو من يلتزم بالسنة ظاهرياً، ويوكل السرائر لله. ماذا عن غير الملتزم بالسنة ظاهرياً؟! وهناك من يرى الإسلامي هو من ينتمي لجمعية إسلامية. ماذا عن المستقل؟! وهناك من يضيق الدائرة أكثر ليحصر هذا الوصف على أعضاء جمعية معينة دون غيرها، وهناك من لا يرضون بهذا الحصر لأنهم لم يجدوه لا في القرآن ولا في السنة، بل ولا في قول سلف الأمة! وأنا أعتبر نفسي منهم.

تصوروا أن هناك من يرفض الحزبية ويدعي أنها غير واردة لا في القرآن ولا في السنة ولا في إجماع الأمة في الوقت الذي نجد فيه الكثير من الإسلاميين العالمين العاملين بالمنهج الإسلامي يرفعون شعار الحزبية بلسان الحال، وأؤكد لكم بأنه سيكون قريباً بلسان المقال أيضاً، تصوروا أن هناك لا زال من يرفض هذا الحصر الذي سيقود الأمة لدولة الخلافة!

في الواقع لا يهمنا تعريف الإسلامي الذي يختلف –عملياً- عليه الكثيرون اليوم، ما يهمنا هو موقف بعضنا من بعض، فبالتعريف تنبني حقوق وواجبات، وترفع ولاءات وتنصب عداوات! ولكي لا أطيل في الكلام الجانبي، ركزوا معي، الإسلامي وحده هو من يستحق الصوت في أي انتخابات، فيُمجد ويُبجل ويكون قائد الأمة ومحررها من هوانها، والغير إسلامي هو من لا يستحق الصوت، فتُختصر بذكر اسمه كل أسباب هوان الأمة وانتكاستها! فحلال فيه الغيبة والنميمة والتسفيه والتشهير و و و، وعدد ما شئت مما يحرم التعامل به مع الإسلامي! تفريق بسيط أليس كذلك؟! والغريب أننا لا نلحظ التفريق بين الإسلامي وغيره إلا في مواطن استحقاق الصوت، أو المنصب!

أعذروني للخروج عن نص المذكرات، وقد يتكرر ذلك، وقد يتكرر كثيراً، وبما أنها مذكراتي الشخصية، لا أرى مانعاً من بيان وجهة نظري الشخصية في مختلف المواضيع.

نعود والعود أحمد، كنت أجد غياباً لتمثيل طلابي يسعى لبث روح الوعي الديني بين الجموع الطلابية، كنت أجد شحاً في الفعاليات الدينية من محاضرات وندوات، الطريق الأول الذي يفكر فيه أي "متحول" للوصول إلى الناس وإقناعهم بالموعظة الحسنة لتحويلهم! هذا الفراغ الذي كنت أراه، اكتشفت فيما بعد أنه لم يكن فارغاً، وإنما كان فيه شيء من امتلاء، إذاً كيف لم أشعر بهذا التواجد؟! سنعرف السبب لاحقاً.

من الطبيعي أن يكون هذا النوع من التغيير هو الدافع الأول وراء دخولي للعمل الطلابي، فقد كنت أعيش مرحلة ما بعد "نقطة التحول" من حياة إلى أخرى! من مرحلة إفراط في التقصير إلى تفريط أقل، ولو بقليل، وبطبيعة الحال أغلب من يعيش هذه المرحلة يميل وبشدة إلى جعل أكبر عدد ممكن من الناس أن يعيشوا معه حياته الجديدة، بكل ما تحمله من راحة قلب وانشراح صدر!

فأخذت أفكر في السبيل إلى التغيير، كيف نستفيد أكثر من العمل الطلابي؟ وكيف نستغل ذلك لزيادة الوعي الديني بين هذه الشريحة الذهبية "الطلبة الجامعيين"؟ فتبادرت إلى ذهني أفكار عدة لن أتطرق لها فقد كانت جنونية، وهذه نتيجة محتمة لما أملكه من جهل مركب في مجال العمل الطلابي حينها.

كان كل ذلك بعد انتقالي إلى مقر الجامعة في الصخير، في السنة الأولى في تخصصي الجديد، المحاسبة، بعد سنة قضيتها في تخصص الإحصاء بكلية العلوم، في فرع الجامعة بمدينة عيسى.

نُشرت بواسطة

alharban

Bahraini guy, working at Al Jazeera Media Netowrkin Doha. Triathlete, 2 IM in pocket. Founder of @weallread.

7 تعليقات على “ليست مجرد تجربة (2)”

  1. أخي الكريم..

    لقد أوقدت نار التشويق فينا.. ولن تطفيها إلا البقية من المذكرات!!!

    !!! waiting for( 3 ) and forward

    أختك في الله ..
    همس الروح…

  2. “ركزوا معي، الإسلامي وحده هو من يستحق الصوت في أي انتخابات، فيُمجد ويُبجل ويكون قائد الأمة ومحررها من هوانها، ”

    “والغريب أننا لا نلحظ التفريق بين الإسلامي وغيره إلا في مواطن استحقاق الصوت، أو المنصب!”

    جزيت خير اخي الكريم احمد

    ولكن على ما اذكر انك كنت في يوم من الايام وفي ترشحك الثاني بالتحديد تنادي بهذا الشيء، انه لا يستحق الصوت الا من كان ملتزم

    هل نسنتطيع تسمية ذلك بالتناقض!!

  3. شكراً أخي مجهول صاحب المداخلة الأخيرة..

    “ولكن على ما اذكر انك كنت في يوم من الايام وفي ترشحك الثاني بالتحديد تنادي بهذا الشيء، انه لا يستحق الصوت الا من كان ملتزم ”

    يؤسفني أخي الكريم أن أبلغك بأن ذاكرتك خانتك هذه المرة

    توحي مداخلتك بأني روجت لنفسي، وطلبت من الناس أن تصوت لي، بسبب التزامي الخارجي على الأقل!

    لم يحدث ذلك أبداً..

    ولم يكن في أي انتخابات لمجلس الطلبة خيارين مطروحين أمامي..
    الأول ملتزم والآخر (صايع) حتى أنادي بتوجيه الأصوات للملتزم..

    ربما هذا يؤكد أن ذاكرتك لم تكن في محلها..

    شاكر لك قراءتك ومداخلتك..

  4. جميل جدا أن تحمل هما
    وأن تسعى إلى تغيير الأشياء السيئه
    إلى حسنه من وجهة نظرك..

    ——
    توطئة موفقة،،

اترك رد